الرياض - السعودية

نعم لأمن سورية.. واستقرار لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

من غير المنطقي ترك سورية لهبوب الرياح من الداخل العربي، والخارج الدولي، إذا كان الممكن يبدد المستحيل، خاصة في ظرف تتالت فيه الأحداث إذ اختلطت الأوراق في إسرائيل، وكذلك الصدامات بين الفلسطينيين، وبوادر حرب أهلية في العراق إذا ما تجاوزت الانتخابات حدودها التي رسمت إطار الطائفة على حساب الكيان الوطني، وسط هذا المحيط، الملتهب هل تُترك سورية تغرق لتصبح عراقاً آخر وتحدث الكارثة لكل المشرق العربي؟..

المملكة أدركت المخاطر، لكنها أرادت التغلب على الصعوبات، بتوظيف دبلوماسيتها بدون ضجيج لاحتواء الخلاف بين سورية ولبنان، وتطويق الأزمة بين الفرقاء السوريين والخروج من نفق الضغوط الدولية والتي تدرك أن أي خروج عن دائرة التهدئة ربما يدفع بالمنطقة إلى حالة لا تُعالج، بإشعال الحرائق لبناء كيانات ممزقة تخدم مستقبل إسرائيل، وهو السيناريو الذي كان مُعداً سلفاً، غير أن أهدافه أُوقفت خشية من عودة نُظم أكثر تطرفاً تجاه الغرب وإسرائيل معاً..

بزيارة الرئيس الأسد، ووجود رئيس وزراء لبنان، ورئيس مجلس النواب السيدين السنيورة وبري لغرض الحج يمكن كسر حلقة الخلاف في لقائهم إتماماً لاتفاق الطائف، وهذا يعتمد على مدى فهم كل الأطراف أن تصعيد الحرب الإعلامية والاتهامات المتبادلة، وإعلان ما يشبه القطيعة، لا تقرب بين الفرقاء، وإنما تقطع جميع حبال التواصل، ولذلك كان سعي خادم الحرمين الشريفين مع أخيه الرئيس حسني مبارك ووضع ثقل البلدين باتجاه الحل الموضوعي للأزمة المتصاعدة بين سورية ولبنان، أن تُحسم القضية بتواجد أركان المشكلة جميعاً، حتى يمكن معرفة مصدر الخلاف وأسبابه والتغلب على نتائجه السلبية..

فالقضية ليست خلافاً بين زعامات أو أشخاص، وإنما بالمردود السلبي على كيانات دول قد تنزلق بفعل التعقيدات السياسية إلى نشوء صدامات تبدأ صغيرة، ثم تتحول، بفعل استمرار تلك الخلافات إلى قلب الأوضاع، وتحويلها إلى حرب بألوان إقليمية ودولية وقودها قوى الداخل المؤيد والمعارض لذلك النظام أو غيره .

ولعل سورية التي لعبت أدواراً عديدة في تأمين سلامة الأمة العربية من خلال موقعها الحساس والصعب داخل لعبة الكراسي إقليمياً ودولياً، أن تجد ما يطمئنها على أمنها، وهذا مرتبط بجملة الحلول المطروحة التي يجب أن تتجاوز العقدة السياسية إلى الحلول الموضوعية، لأن فقدان سورية تحت أي ظرف كان، يعني إضافة خلل في أمن الدول المجاورة لها حتى من تعتقد أنها مستقرة مثل تركيا وإسرائيل والأردن، وعليه فإن المسعى السعودي لا ينطلق من مكسب ذاتي، أو ساعي البريد لدول أجنبية، لأن المسؤولية تجاه الأوضاع القائمة، تفرض التعامل معها بموازين عربية وجهود تتناسب والمكاشفة الصريحة وهذا ما نرجو أن يُخرج المنطقة من عنق الزجاجة، أو النكسات المنتظرة..

Email