المجلس الوطني.. المسؤولية والأهداف ـ د. راشد أحمد بن شبيب

المجلس الوطني.. المسؤولية والأهداف

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار التاريحي الذي إتخذه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ـ رئيس الدولة ـ حفظه الله ورعاه الخاص بتفعيل دور المجلس الوطني عبر إنتخاب نصف أعضائه من خلال مجالس كل إمارة وتعيين النصف الآخر مع مزيد من المشاركة من قبل أبناء الوطن، والذي إقترن بموافقة ومباركة المجلس الأعلى للإتحاد.

والذي أقره بإعتباره صيغة متقدمة لإنتخاب أعضاء المجلس الوطني ويلبي المتطلبات الوطنية، وهذا القرار التاريخي يعتبر من حيث الشكل والمضمون من الإنجازات المهمة التي تضيفها حكومة دولة الإمارات إلى إنجازاتها التاريخية التي تدخل في أطر تقوية بناء هذه الدولة وبشكل نموذجي عبر مراحل تدرج مدروسه ومخطط لها بعناية. وهي بذات الوقت هدية القائد رئيس الدولة حفظه الله إلى أبناء شعبه الملتف حول حكومته الرشيده والمؤازرين لها .

إن كل المتتبعين للتطورات الحاصله في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ تأسيسها وحتى الآن وفي كل أنشطتها وبمختلف أنواعها وإنجازاتها وعلى كل المستويات إنما يجد حقيقة ثابتة ومعروفة وهي أن هذه الدولة قامت على أساس مبدأ التروي والتدرج في تطورها ووفق معطيات كل مرحله وما تم بناؤه في المراحل السابقة وعلى هذا كان هناك أساس قوي ومتين تستند إليه في اتخاذ قراراتها عبر كل مرحله من مراحل تطورها وازدهارها.

ونتيجة الظروف الحالية على المستويين العالمي والمحلي وما وصلت إليه الدولة من تقدم أصبحت معها في مرحله جديده، وتتطلب معها حتمية مشاركة الشعب في اتخاذ القرارات الرئيسية والمهمة في الدولة بمشاركة الحكومة، ذلك أن التطورات الكبيرة التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف الميادين.

والموقع المتميز الذي تحتله في الوقت الحاضر بين دول المنطقة والدول العربية، بل وحتى على المستوى العالمي جعلها في مرحلة جديدة وهي مرحلة الانفتاح الديمقراطي المتدرج وما هذا القرار الذي اتخذه رئيس الدولة حفظه الله والمؤيد بمباركة اخوانه الحكام ما هو إلا مدخل من مداخل الديمقراطية ضمن مفهوم الدولة .

ونظرتها الصحيحة الى شعبها الأبي فهي أي الحكومة تجد ان من المناسب ان توجه الدعوه الى مواطنيها لمشاركتها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والمهمة وهي بحد ذاتها مسؤولية كبيرة ووجدت الدولة ان في هذه المرحله المصاحبه للظروف الراهنه .

وما وصلت اليه أن هناك ضروره ملحة لمشاركة الشعب في بناء واتخاذ القرارات المهمة عبر من يمثله في المجلس الوطني، وغاية الدولة من ذلك هو الوصول بالسفينة إلى بر الأمان.

ان قرار رئيس الدولة بمشاركة الشعب للحكومة في اتخاذ القرارات بصورته المقررة إنما هو قرار الرجل الواثق من نفسه ومن شعبه وبقي هنا دور الشعب في توظيف هذه المبادرة التاريخية والمرحله الجديدة التي كتبت في حياة هذا الشعب ليبدأ حياة ديمقراطية.

ويجب أن يكون رد فعل المواطنين بنفس ايجابية وقوة القرار ويضعون يدهم بيد حكومتهم للمساهمة جميعاً في المحافظة على انجازات دولتهم وتطورها نحو المزيد من التقدم ويثبت هذا الشعب للعالم أجمع إنه أهل لهذه المسؤولية.

وانهم أساساً ممارسون للديمقراطية حتى قبل الاعلان عنها وان الديمقراطية في المفهوم العام والصحيح لا تعني المنازعات والاعتراضات مما يهز كيان الدولة وتقف في طريق تقدمها.

حكومة دولة الإمارات العربية كانت ومازالت تلك الحكومة الأمينة على شعبها والتي وفرت له الحماية اللازمة ومنحته كل حقوقه وخصوصاً الرئيسية منها وهي التعليم والخدمات الصحية وغيرها من خدمات البلدية، واتجهت الدولة الى تحقيق أهدافها في مسيرتها وكان أهم هدف استراتيجي هو بناء الإنسان الإماراتي المثقف المتعلم المؤهل لدخول معترك البناء والإدارة والقيادة.

والآن وصلت الدولة في أعلى مراحل التقدم والتطور والتوسع في المسؤوليات على المستويين الداخلي والخارجي ومنها رسم السياسات العامة والاقتصاد والتطور العلمي والاجتماعي ودفع عجلة الثقافة وغيرها من أساسيات ومقومات المجتمع والدولة فهي الآن في حاجة الى اعطاء دور أكبر للمواطنين لمشاركة الحكومة الرشيدة في إدارة تلك الخدمات الأساسية التي تقدم للمجتمع .

ومعنى ذلك أصبح على المواطنين اتخاذ القرارات وإدارة وقيادة قطاعات الخدمات كافة في الدولة وتحمل المسؤولية فيها، ويتجسد ذلك من خلال المجلس الوطني في طريقة عمله وأدائه الجديدين.

والحقيقة الثابتة والواضحة للعيان ان هناك ثقة متبادلة بين الحكومة ومواطنيها، والقاريء المتتبع على ثقة كبيرة من أن هذا الشعب الطيب البار سيرد على هذه الثقة التي منحته اياها حكومته الرشيدة بذات الثقة المتبادلة، وأن الحكومة والشعب سيعملان من خلال هذا المجلس المبارك بقلب واحد ويد واحدة والتي سوف تتجسد ان شاء الله بأعمال ادارة الدولة بشكل أفضل ونحو مزيد من التقدم والازدهار.

المرحلة الحالية وما يحيط بالمنطقة من ظروف راهنة وقد تكون من الخطورة بمكان يجب التنبه إليها وتحتم على الحكومة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بإتخاذ كل الإجراءات الكفيلة التي تؤدي الى حماية أمنها ومواطنيها والأخذ بهم الى بر الأمان كما عهدناها وهي الحكومة المجربة في مثل هذه المواقف حتى أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة واحة الأمان ليس لمواطنيها فقط بل للآخرين من دول أخرى.

وعلى هذا تفرض هذه المرحلة ضرورة التلاحم بين الشعب وقيادته وان تكون إرادة الشعب المتمثلة بالمجلس الوطني متوافقة مع رأي الحكومة في القرارات المهمة والاستراتيجية وهذا سيكون سر نجاح الدولة وتطورها وتقدمها.

إذن على المجلس الوطني الجديد والذي سيتم انتخاب نصف أعضائه ممثلين للشعب الإماراتي، أن يجعل هذه التجربة ناجحة بل يجب عليه ان يوظف هذه التجربة لكي تكلل بالنجاح ابتغاء توسيع هذه التجربة .

وعبر مرحلة الباب الأول من الديمقراطية والدخول في مساحات أوسع في الممارسة الديمقراطية غايتها في الأول والآخر هو اسعاد الشعب والمحافظة على منجزات دولتهم وتقدمها وجعلها مثلاً يقتدى به لبقية دول العالم في نظم الديمقراطية الحديثة من خلال الحوار الهاديء والهادف والبناء وبروحية وطنية متكاملة تصب جميعها في مصلحة الدولة وأهدافها الاستراتيجية .

وعلى هذا سيكون هذا المجلس هو القلب النابض للشعب والدولة ممثلة بحكومتها الرشيدة ولكي تكون تجسيدا لأحلام مؤسسي هذه الدولة التي تتحول تدريجياً الى حقيقة متمثلة بقوى التلاحم بين المجلس الوطني والحكومة. وهذا التلاحم يضفي القوة والصلابة للدولة نحو التقدم المزدهر في امنها واستقرارها ويتمتع شعبها بالرفاهية والتقدم.

ومن المفيد ان نذكر هنا انه ولأجل ان تكون هذه التجربة ناجحة ومفيدة للدولة ومجتمعها وتماشياً مع الايقاع الحديث للدول المتطورة، يجب أن تكون هذه الانتقالة التاريخية في حياة الدولة وابنائها مبنية على أسس صحيحة وقوية والمتمثلة في انشاء القانون الذي سيحكم هذه العلاقه الحميمة بين الشعب والسلطة.

وكيفية تداول وإصدار القرارات في الدولة ليضفي عليها طابع الديمقراطية أي المشاركة الشعبية للحكومة في إصدار القرارات ورسم السياسات العامة للدولة.

وهذا القانون الحاكم للعلاقة المذكورة يجب ان يكون من وضع ابناء هذه الدولة مع الأخذ بنظر الاعتبار الاستئناس بقوانين ونظم دول متقدمة في هذا المجال والتي حققت نجاحا فيه فلا بأس من الاسترشاد بقوانينها وأخذ المفيد منها من اجل وضع آلية قانونية للمجلس الوطني إبتداءً من مراحل الترشيح والانتخاب وطريقة الانعقاد واتخاذ القرارات سواء كانت بالأغلبية أم الأكثرية.

وكذلك فيما يخص اختيار رئيس المجلس ونوابه ورؤساء اللجان والهيئات ووصولاً الى كيفية صياغة القوانين والقرارات وغيرها، ومتى ما كانت هذه البداية جيدة وقوية وقائمة على قانون منظم ومعقول تكون بحد ذاتها من العناصر الرئيسية التي تساعد في انجاح التجربة مع العناصر الأخرى السالف ذكرها.

rashid.shabib@binshabib.ae

قانوني وكاتب إماراتي

Email