محمد بن راشد والمرحلة المقبلة ـ د.هيام عبدالحميد

محمد بن راشد والمرحلة المقبلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس بغريب على دولة الامارات أن تتحلى بالهدوء والاتزان وهي تمر بأحرج الأوقات التاريخية ولحظات الفقدان الكبيرة لرموزها وبناة نهضتها ومؤسسيها والذي كان آخرهم الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم رحمه الله.

وتضرب الامارات للعالم مثالاً آخر للتماسك وللاستقرار السياسي وللوعي القيادي والهدوء في تداول السلطة في أحرج الأوقات. كما ان انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي نائباً لرئيس الدولة ورئيساً لمجلس الوزراء هو أيضا حدث تاريخي يعكس وجود قيادة واعية ودولة رجال على ادراك تام بالتحديات الاقليمية والدولية في المرحلة المقبلة.

ومع اختيار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لهذا المنصب السياسي المهم على رأس الحكومة الاتحادية انتعشت الآمال بمستقبل زاهر غير اعتيادي للدولة على غرار ما حدث في امارة دبي الحديثة التي تصطف اليوم كواحدة من أبرز المدن شهرة ومكانة في العالم.

وينبع هذا التفاؤل من قراءة عامة الناس والمسؤولين لشخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي اثبت في أكثر من موضع وفي أكثر من حدث بأنه شخصية قيادية فذة. يصفه الكثيرون بأنه صانع للتاريخ، فهو أينما حل يحدث ثورة تنموية وانجازات لاتضاهى، فالرجل قيادي وصاحب رؤية من الدرجة الاولى.

وتتمثل صفات القيادة لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في اعتماده على السرعة والشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة ومتابعة تنفيذها بسرعة واتقان، والملفت ان القرارات التي يتخذها سموه لا تقف عند حدود معالجة الموضوع او القضية بشكل آني.

وانما يأتي الحل جذرياً وصالحاً للاستمرار وقابلاً للتكيف مع اي ظرف، ولذلك وجدنا الكثير من قرارات سموه نابعة من نظرته الى المستقبل، والمستقبل كما يراه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو وقوف دولة الامارات في الصف الاول بين الدول المتقدمة والتجمعات الحضارية.

ولا بديل عن الصف الاول ولا مستحيل مع الارادة القوية والعزم الصادق للارتقاء بأدائنا الى المستوى الذي يشرفنا أمام بقية الأمم. والوصول الى الصف الأول يحتاج الى الايمان والعمل بقيم التحدي والمنافسة الشريفة والشعور بلذة التفوق والفوز قبل حدوثه.

الذين يعرفون صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من عامة الناس وصغار الموظفين ربما تكون لديهم ملامح عامة عن ما يمكن ان نسميه (قاموس محمد بن راشد)..

وفي هذا القاموس تتجلى معاني العزم والقوة والتفاؤل والجودة والحزم وسرعة الاداء والشجاعة والتحدي ونبذ الكسل والقضاء على البيروقراطية شكلاً وموضوعاً، ومحاربة الفساد الاداري ومراقبة ومتابعة اداء المسؤولين باستمرار.. وغير ذلك من القيم والمفردات التي لا نستطيع حصرها، لكنها في النهاية ترسم حدود وشروط النجاح في القيادة والعمل..

وهذا القاموس الذي كنا نقرأه ونعمل به محلياً في دبي، بدأ يعمم اليوم ليكون مفتاحاً للعمل الوطني الاتحادي في المرحلة المقبلة.. والمطلوب من جميع القيادات والفعاليات الاتحادية اليوم ان تدرب نفسها على تذوق لذة المنافسة والنجاح والتحدي في المرحلة المقبلة واعتماد هذا القاموس مفتاحاً ودليلاً لأسلوب العمل والاداء.

ما يلفت النظر في شخص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو ايمانه وثقته في العنصر المواطن. فلطالما كرر في العديد من المناسبات بأنه يرغب في رؤية المواطنين كنخبة يقبل الآخرون على توظيفها وكقادة يتبوأون مناصب حساسة وفعالة.

ولطالما كرر بأنه يملك البرهان والدليل بأن المواطنين اثبتوا بالبرهان القاطع انهم قادرون على النجاح والانجاز وهو القائل (لقد اثبت شبابنا حضورهم الفاعل في انجح الشركات الحكومية وفي الدوائر والاجهزة المدنية والعسكرية، ولو شئت ان أعدد لكم الأسماء والانجازات لبدأت وما انتهيت). ولطالما وصف القيادات الشابة الوطنية بأنها الركيزة الاهم والاقوى لبناء دولة حديثة عمادها العنصر البشري المدرب والمؤهل.

من الصفات التي يعرفها القاصي قبل الداني عن سموه هو اعتماده على عقول الشباب المواطن من اصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية في المسيرة التنموية لدبي.

ومعروف عنه جرأته في اتخاذ القرار في وقته المناسب ومتابعته المستمرة وتوجيهاته بأن اي مبادرة او مشروع يتضمن في جوهره خططا وبرامج متكاملة تتضمن في جوهرها حلولاً حقيقية ومعالجة شاملة على المدى الطويل. وكثيرا ما يحث سموه الشباب بالاقدام وانتهاز الفرص وانتزاعها وهو الامر الذي يتطلب قوة ارادة وعزيمة.

جميعنا مطالب بالاسهام في بناء الدولة الحديثة التي حدد سموه في يوم ملامحها وعناصرها عندما أشار الى اعتماد دولتنا على العنصر البشري والرؤية وحب الوطن ومصلحة المواطن وحماية المنجزات وتعزيز الانتماء الوطني وحفظ الكرامة الوطنية.

وقال سموه ان هذه العناصر هي التي تستطيع بناء الدولة الحديثة القوية انسانيا واقتصاديا واجتماعيا والقادرة على المنافسة في الساحة الدولية وانتزاع المركز الاول الذي نحلم به ونخطط له كهدف استراتيجي يحقق آمالنا وتطلعاتنا.

رغم كل الانجازات التي تحققت في دبي ولدولة الامارات، الا ان سموه ظل يردد باستمرار بأن الطريق مازال في بداياته وان ما تم انجازه حتى اليوم هو فقط القاعدة التأسيسية لما هو قادم..

ويحق لنا نحن ابناء دولة الامارات ان نطمع ونطمح في رؤية الدولة الحديثة التي لا نشك للحظة انها ستنتزع المركز الاول على الساحة الدولية يوما ما. ويكفي ان هذا الهدف الاستراتيجي مسجل في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لنضمن انه سيتحقق يوما ما طال الزمان او قصر.

ولكن في المقابل نحن جميعنا مواطنون ومقيمون مطالبون بأن نكون بحجم هذه الرؤية وأن نتحمل المسؤولية مع سموه ونكون قادرين على النهوض بمسؤولياتنا الوطنية والاجتماعية، مطالبون بالمشاركة في مسيرة التنمية، فرقي هذه الدولة لايقاس بعمرانها واقتصادها فقط بل بتطور وكفاءة أهلها وشعبها.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو الشخصية القادرة على زرع الجاهزية الفكرية والنفسية للأفراد من حوله لأنهم الأكثر ثقة بقيادته وفكره وفلسفته.

Heyamm@albayan.ae

مديرة إدارة التطوير ـ «البيان»

Email