الرياض - السعودية

شارون صانع كبرياء إسرائيل!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُجمع الإسرائيليون ومن يؤيدونهم أن شارون يعتبر المؤسس الثاني بعد بن غوريون حيث كان القارئ الجيد لتناقضات العرب، والدخول من مواقع ضعفهم لتحقيق أهداف دولته..

فهو ضد السلام لأن الشكوك المحيطة بتكوينه الذاتي جعلته لا يرى الأمور واضحة، والعبور منها إلى سلام يعني هزيمة سياسية أخطر من الهزيمة العسكرية، ولذلك كان مبتكر الحوائط الحاجبة بينه وبين الفلسطينيين، وهي عقدة متأصلة من العزلة التي تبناها الإسرائيليون في مهاجرهم، ولم تفارقهم في كيانهم، ونلحظ ذلك في خطبه وكتاباته..

وسواء مات أو بقي على قيد الحياة معطل الحواس، والحركة، فإن شارون، في نظر الإسرائيليين بطل وطني حقق لإسرائيل في الميادين العسكرية والسياسية ما عجز عنه نظراؤه، حتى انشقاقه عن الليكود وتأسيس حزب جديد لم يكن ليحدث، أو ينجح إلا بوجوده، لأن زعامته غطت على نفوذ شخصيات أخرى سواء في جانب اليمين، أو اليسار، وقد لا يخلفه من يناظره بالقوة واتخاذ القرارات الصعبة..

مع الفلسطينيين والعرب لا توجد حبال تواصل، بل كرّس شارون العداوات وأضاف إليها كبرياء إسرائيل على العالم كله، وهنا لابد من إدراك أن النجاح الذي قامت عليه قواعده ونظرياته جاء بسبب تنامي المد اليميني في أمريكا وإسرائيل معاً، وكان هذا التحالف الروحي دعامة قوية لأركان الحكومتين، وقد استفاد منه شارون بجعل أدوات عمله متفوقة على الرؤية الأمريكية حتى إن اهتمامات أي رئيس يصل للبيت الأبيض أن يقدم الدعم والولاء لإسرائيل قبل بلده..

شارون سيُحدث فراغاً في الزعامة، لأن الكارزما التي حصل عليها وضعته في خانة الزعامات غير التقليدية عند شعبه، لكن السؤال يظل قائماً فيما إذا كانت القوى التي ستخلفه ستبقى على نفس الخط، أم تتحرر من عقدته؟

بالتأكيد أن نهجه سيظل قائماً، وأي تغيير سيكون على الشكليات وليس على الأهداف الجوهرية، لأن الرجل استطاع إقناع قطاع كبير من الإسرائيليين أنه الأقدر على خلق المبادرات وتوظيفها لصالحه، لكن لا ننسى أن تنامي المقاومة، وبروز ظاهرة الإرهاب، وصعود أصوات منادية بنقد إسرائيل، والابتعاد عن سياسات أمريكا، حتى من أقرب حلفائها بالغرب، كان لإسرائيل الضلع الأساسي في هذه الأحداث، وشارون أعطاها الزخم الأكبر..

وبرحيل شارون تنتهي حقبة ثانية من زعامات إسرائيل، لكن ستبقى حلقات السلام مقطوعة، وربما يخلفه من الجيل الثاني من يكون أكثر دموية وتشدداً، إلا أن العالم لم يعد تؤججه العداوات إذا كانت كبرياء الشعوب تقهر ذلك..

Email