تحت المجهر

إنصاف المستهلك واستقرار المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

رحبت فعاليات المجتمع برفض مجلس الوزراء مبدأ قيام تكتلات تجارية بين الموردين أو بين المنتجين بشأن توحيد رفع الأسعار، إذ أن هذا التوجه لا يخدم المجتمع والاقتصاد الوطني ويتعارض مع مبدأ الاقتصاد الحر الذي تنتهجه الدولة.

جاء موقف مجلس الوزراء بعد إعلان هيئة منتجي الألبان والعصائر عن رفع أسعار منتجاتها، وبعد قرار خمسة من موردي المواد الغذائية بزيادة الأسعار بنسبة تتراوح من 10% إلى 30%.

قرار مجلس الوزراء أنصف المستهلكين ضد الموردين الذين لا يراعون تداعيات ارتفاع الأسعار غير المبرر السلبية على المجتمع، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وثقافيا.

فالوظيفة أصبحت أغلالاً وسداً منيعاً ومنهكاً في ظل الغلاء الذي نشهده. وأصبحت غير قادرة على النهوض بأعباء أسرة الموظف أو تأمين مستقبل أبنائه. فما يقبضه الموظف اليوم لا يبقى منه شيء للغد. بالإضافة إلى أن ارتفاع الأسعار لم يستثن مجالا أو جانبا حياتيا، وأصبح الجميع يتساءلون:

كيف يمكننا أن نعيش، وكيف يمكننا مواجهة هذا الغلاء غير المعقول ونحن لا نملك أدوات تعين على ذلك ؟ وكيف يمكننا تأمين مستقبل أبنائنا والتخطيط له ما دمنا عاجزين اليوم عن قضاء متطلبات حياتهم ؟ لذا فالفرد سيبحث عن مصادر أخرى تزيد دخله الشهري. ولأننا بشر لا نتفق بقدر اختلافنا، ستختلف مصادر الدخل المساندة لنا.

فالبعض سيبحث عن الفرص التجارية التي تتيحها الدولة فيسعى للاستفادة منها بطرق مشروعة، في حين يبحث آخرون عن الربح السريع وان كان ذلك بطرق غير مشروعة.

تساؤلات المستهلكين حق مشروع، وقلقهم طبيعي، أما الأمر غير الطبيعي هو أن نطالبهم وحدهم بتحمل غلاء البنزين وتكاليف البناء والإيجارات التي تقصم الظهر، مرورا بالمواد الغذائية والاستهلاكية وانتهاء بالرسوم الخدمية وغير ذلك من السلع التي شملها الغلاء.

ولم تبق على خيارات متعددة للمستهلكين ليختاروا من بينها الأنسب والأفضل، الأمر الذي سيجبرهم مستقبلا على الرضوخ والتعايش مع التداعيات السلبية التي سيجرها ارتفاع الأسعار والتي ستطال المجتمع بأكمله.

الفساد المالي الذي تشهده بعض مؤسسات الدول يأتي نتيجة ضعف الوازع الديني والحاجة وقلة الموارد وضعف الرقابة. على الرغم من أن مجتمعنا مازال بخير لكننا نخشى أن تكون الحاجة وقلة الموارد المالية بسبب ارتفاع الأسعار سببا في وقوع البعض في دائرة الفساد، من خلال رشوة أو نصب أو احتيال أو سرقة وغير ذلك من طرق ليست مشروعة.

ولا يتصور القارئ أننا نبالغ في وصف تداعيات هذا الغلاء على المجتمع، لأن صاحب الوظيفة والراتب لا يعرف إلى أين يذهب، ولا أي ملجأ يلوذ به، لاسيما والتجار لا يرأفون بحاله وسط بحثهم عن مصالحهم الخاصة.

لذا فإن الآمال معقودة على قرارات بنّاءة كالتي أصدرها مجلس الوزراء إذ جعل الحكومة في مواجهة جادة مع الموردين والتجار العابثين باستقرار أحوال السوق وأوضاع الأفراد في المجتمع بسبب مطامعهم تلك التي لا يقيمون فيها وزنا لمصلحة الفرد والدولة.

maysaghadeer@yahoo.com

Email