الانتخابات الفلسطينية تغرق في بحر غزة وخلافات فتح ـ حافظ البرغوثي

الانتخابات الفلسطينية تغرق في بحر غزة وخلافات فتح

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضع الفلسطينيون علامات استفهام كثيرة وهم يتحدثون عن الانتخابات التشريعية المقبلة في الخامس والعشرين من هذا الشهر.

والسبب هو أن أحداً لم يعد واثقاً من إمكانية إجرائها في موعدها المحدد بعد أن انحدر الوضع الداخلي إلى المزيد من الفوضى خاصة في قطاع غزة، الذي يشهد هيمنة الميليشيات المسلحة واحتلال مقرات رسمية ومهاجمة مراكز شرطة واختطاف أجانب واعتداءات يومية باتت تؤهله «للصوملة».

وقد بدأ تيار في فتح بمخاطبة حركة «حماس» حول احتمال تأجيل الانتخابات في ظل تذمر داخل الصفوف القيادية لفتح من القائمة الانتخابية التي تم التوافق عليها واعتبرها البعض أفضل قائمة لخسارة الانتخابات في ظل سيناريو محتمل يقوم فيه مسلحون بمهاجمة واحتلال مراكز اقتراع وسرقة صناديق أو إتلافها.

وهذا يعني أن يوم الانتخابات سيكون يوماً دموياً بسبب ضعف السلطة وعدم قيامها بما من شأنه إعادة فرض النظام والقانون في غزة خاصة. ولعل أحداث الشجاعية حيث واصل أفراد عائلة هجماتهم على مركز الشرطة وقتل شرطي ومدنيين بعد اعتقال أحد أفراد العائلة، ما استدعى قيام الشرطة بإغلاق معبر رفح حيث إن الشرطي القتيل من رفح.

عملياً ثمة حالة من الفوضى تعم الشارع الفلسطيني ويمكن نقلها إلى الضفة حيث إن بإمكان قيادات متنفذة في فتح تحريك ميليشيات مسلحة يوم الانتخابات لتخريبها، ما يعني احتمال تصدي «حماس» لهذه الممارسات لينتهي الوضع إلى اقتتال داخلي. أغلبية القيادات التقليدية وبعض الجيل الشاب في حركة فتح باتوا يؤيدون تأجيل الانتخابات لأنها باتت مشكلة ولم تعد حلاً.

وبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتعرض للنقد اللاذع لأنه أضاع وقتاً طويلاً في الاتفاق على تشكيل قائمة موحدة لفتح ولم يكن حاسماً في قضية تخص حركته فكيف سيحسم في قضايا وطنية؟

وقد علق الكثيرون آمالاً على عرقلة إسرائيل للانتخابات في القدس لكنها لمحت أخيراً إلى احتمال التوصل إلى طريقة للسماح للمقدسيين بالانتخاب لكن هذا لم يقنع مرشحي فتح المقدسيين الذين انسحبوا جميعاً من الترشيح وسيحذو آخرون حذوهم. فالوضع الداخلي الفلسطيني لم يعد ملائماً للحراك السياسي إذ ان الأزمة الداخلية في حركة فتح ما زالت معقدة.

وبدأت تأخذ شكل عرقلة الانتخابات ومحاولة حشد الفصائل الأخرى حول هذا التوجه، وثمة من وجد مؤشرات لدى حركة «حماس» للقبول بالتأجيل، خاصة وأن جميع التشكيلات المسلحة باستثناء «حماس» أعلنت أن فترة التهدئة قد انتهت وان العمليات ستستأنف رداً على الاعتداءات الإسرائيلية.

في مثل هذا الوضع يحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس جاهداً لملمة الوضع الداخلي لكنه أيضاً يتعرض لحملة إسرائيلية منظمة تتهمه بفقدان السيطرة ويروج الإسرائيليون أن الأميركيين فقدوا الثقة به فيما هو يحاول مسايرة الوضع الداخلي حتى لا يصل إلى طريق مسدود ويترك المجال مفتوحاً لكل الاحتمالات لأن شعار الدمقرطة تحت الاحتلال يبدو صعباً أو مستحيلاً.

فالسلطة بوضعها الحالي على وشك الافلاس ويأمل أبومازن أن يدعم نفسه بمساعدات مالية عربية لدفع الرواتب إذ ان خزينة السلطة لن تلبي رواتب شهر أو اثنين وعليها ديون مصرفية تقدر بمئة مليون دولار عدا الديون الداخلية الأخرى. ويبدو الحديث عن الانتخابات في مثل هذا الوضع ترفاً في نظر الكثيرين. فالانتخابات ستكون انتخابات دمار شامل.

رئيس تحرير «الحياة الجديدة» ـ فلسطين

Email