خط مباشر

فتنة مفتعلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل هناك خيط يربط ما بين تنظيم الأقباط المصريين في المهجر وحركة التمرد في اقليم دارفور السوداني؟ في مقالة صحافية نشرت الأسبوع الماضي في »الاهرام« أشار الكاتب المصري عاطف الغمري الى تنظيم أميركي يطلق عليه »ائتلاف الانجيليين الصهاينة« وهو تنظيم مظلي يجمع ممثلي جماعات يهودية مع غلاة اليمين المسيحي الأميركي.

هذا التنظيم المظلي الذي يتبنى بقاء إسرائيل كقوة توسعية في العالم العربي من منظور »توراتي« هو القوة الداعمة الرئيسية وراء ترتيبات عقد »مؤتمر أقباط المهجر« في واشنطن مؤخرا.

فهل هي مجرد مصادفة ان هذا التنظيم نفسه هو الذي يدعم أيضاً حركة التمرد الرئيسية في دارفور التي يطلق عليها »حركة تحرير السودان«؟

يقول الكاتب عاطف الغمري ان مجموعة »المحافظين الجدد« التي تتكون من شخصيات يهودية نافذة داخل إدارة الرئيس بوش وتتولى دور توجيه سياسات الرئيس الدولية تتبنى استراتيجية عظمى للتدخل الأميركي في الشؤون الداخلية للبلدان العربية بما يخدم إسرائيل بصورة غير مباشرة.

لقد اتخذ مؤتمر أقباط المهجر عدة قرارات كلها تنطوي على دعوة إلى تدخل أجنبي في مصر وفي هذا السياق جاء على لسان المتحدثين في المؤتمر انه ليس مطلوبا فقط ان تلعب الحكومة المصرية دورا من جانبها في مسألة الأقباط بل يجب ان تتحرك الولايات المتحدة لاتخاذ إجراء من جانب حكومتها »ضد الوضع المتدهور« في مصر.

ان من المعلوم ان الأقلية القبطية في مصر والأغلبية المسلمة ظلتا لمدى قرون متصلة تتعايشان على مستوى المواطنة المتساوية في مناخ من التسامح المتبادل نادر النظير.

ولذا لا نظن ان المشاركين في مؤتمر اقباط المهجر في واشنطن يمثلون الرأي العام القبطي في مصر، خاصة انه مؤتمر عقد خارج الوطن وتحت رعاية أجنبية من منظمات أميركية يهودية مشبوهة.

انها مشكلة مفتعلة ترمي هذه المنظمات من ورائها خدمة أهداف شريرة لا علاقة لها بوضع الأقلية القبطية في مصر سوى ان المراد هو اشعال فتنة داخل مجتمع متآلف.

وهكذا أيضا مشكلة دارفور في السودان، وإذا كانت الفتنة المدبرة لشعب مصر بأقباطه ومسلميه هي ذات طابع ديني فإن الفتنة المدبرة في دارفور بإثارة نعرات »القبائل الافريقية« هي ذات طابع عنصري.

ولا أدري لماذا اختار مؤتمر أقباط المهجر ان يبحث وضع الأقلية القبطية في مكان خارج الوطن. لقد أعلن البابا شنودة انه لا يقبل أو يقر اللجوء الى جهات أجنبية »لحل مشكلاتنا الداخلية«.

لو استعدنا إلى الأذهان ان حركة التمرد الدارفورية ترفض بعناد أي تفاوض مع الحكومة السودانية داخل البلاد، واصرارها على ان يجري التفاوض خارج السودان بحضور ممثلي حكومات وجماعات غربية لأدركنا ان ما يراد لمصر كما للسودان أو أي بلد عربي آخر هو تفكيك الوشائج الاجتماعية بما يؤدي إلى اضعاف العالم العربي عموماً.

Email