هناك خصوصية روسية صرفة يعرفها الجميع.. فقد شاعت نكتة في العهد السوفييتي، عندما قام برجنيف بزيارة كارتر. قال كارتر: «هل ترى ذلك الجسر الجميل»؟ أجاب برجنيف: أراه. أضاف كارتر «إن في طرفه الأول خمسة حبال وفي الثاني خمسة، بينما في المخطط المفروض أن يكون عشرة على كل طرف».
قال برجنيف ببساطة: أين الباقي؟أجاب كارتر: كلها أصبحت هكذا.. هنا وأشار إلى فرش البيت الأبيض. ثم قام كارتر بزيارة الاتحاد السوفييتي، فسأله برجنيف: هل ترى نهر موسكو؟!!. قال كارتر أراه، فسأله برجنيف وهل ترى الجسر الكبير؟!! أجاب كارتر «لا أرى أية جسور!!!».
عندها قال له برجنيف: «لأنه أصبح كله هنا.. وأشار إلى الكرملين». ليس هناك تعريف محدد للفساد السياسي بالمعنى الذي يستخدم فيه هذا المصطلح. لكل أمر ما قوانينه فإذا خرج به عنها كان فاسداً. لكن، على الرغم من ذلك، لا نستطيع أن نقول: إن تعبير الفساد السياسي يعادل تعبير (الخارج عن القانون).
تعبير الفساد السياسي إلى الذين يستغلون المواقع والرشاوى لتجاوز القوانين وخدمة المصالح الشخصية على حساب العامة.. وبشكل مختصر فإن أقرب تعبير للفساد هو السرقة.. والفاسدون لصوص. مهما كانت الأوضاع والأزمات السياسية والاقتصادية في البلد.
الفساد السياسي موجود في كل مكان من العالم. يحجب عن أشخاص لأسباب سياسية، ويفرض على أشخاص لنفس الأسباب. وهو ذا طابع عالمي شديد الانتشار، دون أن يخفف ذلك شدة خصوصيته وكثافة لونه برتقالياً كان أو بنفسجيا.
خيبة الإدارة الأميركية من إعصار الفساد السياسي الحاصل في أوكرانيا لا ترتقي وفي كل من الأحوال إلى مستوى خيبة الشعب الأوكراني من دور زعيمة ثورة البرتقال الحزينة يوليا تيموشينكا رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة ذات التوجه الغربي، التي أُدينت بالفساد وسوء استخدام السلطة، المتهمة بالاستيلاء على أموال للدولة تقدر بنحو مليارين و271 مليون دولار.
قلة أولئك الذين يعتقدون بأن الدور الأميركي يمكن أن يستعيد موقعه، ضمن هذا الإعصار وربما كانوا أقل أولئك الذين يعتقدون بجدية الخيبة الأميركية، ربما هي التراكمات المتتالية التي ولدت بدورها خيبات متتالية في العراق وأفغانستان، أدت إلى هذا التراجع في المصداقية الأميركية عند الرئيس الأوكراني يوشينكو، ولكن الواقع أيضا يشير وبوضوح إلى أن حدود التماهي الأميركي، وخلافات زعماء الثورة البرتقالية صعبت كثيراً من المهمة الأميركية، هذا إن بقي شيء من هذه المهمة.
فإن ما تشهده أوكرانيا أتى ليؤكد أن دعمها من أحذية فالينكي ووشاحات برتقالية، إن كل السياسات المستوردة غير مواتية للمناخ البارد في أوكرانيا. والبرتقالة الأميركية أصبحت عصيراً على مائدة الكرملين. أما البذور ليس لها إلا أن تزرع وتنبت من تاريخ الدولة التي تجمع بين الشعوب السلافية «روسيا، بيلاروسيا وأوكرانيا».