من حق الولايات المتحدة الأميركية أن تفتخر بما أنجزته حتى يومنا هذا من انتصارات باهرة على جميع الأصعدة وخاصة السياسية والاقتصادية، ومن حقها كذلك أن تتطلع إلى انتصارات أعظم وأوسع ما دام لها عنادها ودامت لها الثقة بالنفس، والسلاح الهائل الذي تمتلكه.
ولكن ليس من حقها أن تفتخر بانتصارها... فتحسب أنها قد روضت الطبيعة إلى حد أن تتحكم في طباعها وأطوارها. ها هي الطبيعة لا تنفك تذكرها من حين إلى آخر بأنها سيدة الموقف فقد يعن للأرض أن تتقيأ من تخمة في أمعائها وإذ البيوت التي بنوها حصوناً ضد الموت أصبحت
فخاخا ومقابر. هكذا تبدو الكوارث الطبيعية لمعظم الناس في حين أن لكل كارثة وجه آخر وهو الوجه المشرق منها. من حسنات الكوارث الطبيعية، جماعية كانت أم فردية أنها توقظ الضمائر وتثير العواطف بين البشر في جميع أنحاء المعمورة، ومن حسناتها أنها تستفز همة الإنسان لاتقاء شرورها وتدفعهم للبحث عن أسبابها.
و ربما لو أتقن البحث لأيقن أن له ضلع ويد في كل ما يأتيه من داخل نفسه وخارجها. و من الحسنات أيضا التي رأيناها في القنوات الفضائية، أنها تمحو الفوارق بين البشر فلا أسود ولا أبيض أو أصفر وأحمر، ولا نصرانياً ومسلماً، وحاكماً ومحكوماً، وسارقاً ومسروقاً، وشريفاً ومنبوذاً،
بل الكل سواء في وسط الأعاصير والكوارث الطبيعية ومن حسنات الكوارث الطبيعية أنها تعبث بجميع حصون البشر الذي تحصنوا بها، فكأنما بذلك تقول للبشر إن هذه الحصون لا تليق بكم فهيا للفناء... فاقتلوا... وشردوا... دمروا... وهدموا... اسجنوا واتهموا... كلوا واشربوا وتحصنوا في بيوتكم... ولكن حذار أن تحصروا أرواحكم كلها. يعترف لكم العالم أنكم في أوج قوتكم على جميع الأصعدة.. ولكن لا بما تدمرون وتهدمون بل بما تحبون.
وحسنة أخيرة من حسنات الكوارث الطبيعية أقولها لكم نقولها للرئيس الأميركي، هي ان الكوارث إذا أحسنتم فهمها سوف تدلكم بوضوح ما بعده وضوح... على أن للإنسان غرضاً من وجوده على الأرض ... غير استثمار الأرض في تغير المناخ!!!
وتراجع الطوف الجليدي يا سيدي الرئيس الذي حذرتكم منه روسيا سابقاً... لم تعطوه أي انتباه وذلك بعد أن أصبحت نقطة الخلاف بينكم وبين الرئيس بوتين حول تقنية البيئة.
بعد أن أعلنتم رفضكم بروتوكول كيوتو حول الحد من سخونة المناخ وهي المعاهدة البيئية التي تهدف إلى التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري وذالك مرضاة لشركات النفط التي آزرتكم في حملاتكم الانتخابية أجل يا سيدي الرئيس إن للكوارث حسنات كثيرة فهل من عيون ترى.. وأذان تسمع.. وعقول تفهم..؟