رأي البيان ـ سلاح الردع الشرعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 17 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 18 مايو 2003 ماذا ستفعل الولايات المتحدة اذا فشلت في الحصول على دعم لمشروع قرارها المطروح امام مجلس الامن الدولي للمناقشة والخاص برفع العقوبات الدولية على العراق؟ الرد يقول: انها ستفعل مثلما فعلت من قبل، عندما فشلت في الحصول على دعم لمشروع قرار دولي من المجلس يفوضها بشن الحرب على العراق تحت مظلة دولية. ان واشنطن.. لن تبالي بشيء، وستفعل ما يحلو لها ولن يوقفها احد عن تنفيذ مآربها. يكفي انها ذهبت الى الحرب بمفردها دون تفويض من المجتمع الدولي ولذلك، فاذا كانت قد شنت حربا غير شرعية على العراق، فإن احدا لن يمنعها من السيطرة على ثروة العراق النفطية والتحكم فيها كيفما تشاء، وبالتالي تفرض شرعيتها غير المشروعة! ولكن.. اذا كانت الامم المتحدة قد كشفت عن عجزها التام في وقف آلة الحرب الموجهة ضد العراق، فانها الان امام اختبار جديد، يتمثل في الحفاظ على ما تبقى لها من هيبة، فاما ان تكون او لا تكون. ان على المنظمة الدولية ان تصارع من اجل الحفاظ على بقائها وللحد من «نفوذ» الولايات المتحدة عليها، والا فإن عليها ان تعلن صراحة ان مجلس الامن الدولي المنوط له حفظ الامن والسلام الدوليين بات في ذمة التاريخ. ان ما يشجع على الحفاظ على ما تبقى للامم المتحدة ـ او بالتحديد مجلس الامن ـ ان هناك ميزة التفوق على الولايات المتحدة وبريطانيا داخل المجلس من حيث القدرة على استخدام «سلاح الردع الشرعي» المتمثل في الفيتو. ثلاث دول تملك هذا السلاح امام اميركا وبريطانيا وهي فرنسا وروسيا والصين، صحيح ان واشنطن لا تبالي بمن يعارضونها داخل مجلس الامن ـ عندما تخفق في الحصول على مؤيدين لمشاريعها ـ الا ان استخدام هذا السلاح او التلويح به، يظهر اميركا دائما امام العالم كمتمرد على الشرعية الدولية ومنتهكة لميثاق الامم المتحدة. ان هناك الآن دورا نشطا يقوده حملة الفيتو في مجلس الامن وبالتحديد روسيا والصين، فالمفاوضات السرية المكثفة التي شهدها مجلس الامن مساء أول امس اسفرت عن اخفاق اميركي كبير في كسب الدعم الروسي والصيني لصيغة القرار الاميركي المعدل الذي يقضي برفع العقوبات الدولية عن العراق. وقالت هيئة الاذاعة البريطانية ان روسيا تزدري بمشروع اميركا. وتعترض موسكو ومعها بكين على مادتين رئيسيتين في مشروع القرار الاميركي هما دور الامم المتحدة المحدود في العراق، والنفوذ السياسي «الرهيب» وغير «المحدود» لاميركا وبريطانيا كقوتي احتلال في العراق. والدلائل تشير الآن الى ان هناك تنازلات اميركية في مجلس الامن لصالح «الشرعية الدولية» ونأمل ان ينجح الروس والصينيون والفرنسيون في اجبار واشنطن على ادخال المزيد من التعديلات لمشروع القرار الدولي لتعزيز دور الامم المتحدة في العراق، خاصة وان مساحة المؤيدين لدور المنظمة متسعة وتشمل ألمانيا، بل وايضا باكستان التي تتولى رئاسة مجلس الامن لهذا الشهر.

Email