خط مباشر ـ آخر أخبار «الإرهاب»! ـ بقلم: أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 13 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 14 مايو 2003 «حماس» و«الجهاد» و«حزب الله» منظمات «إرهابية» وفقاً للتصنيف الاحادي الأميركي لأنها تقاتل ضد إسرائيل. لكن منظمة «مجاهدي خلق» ليست كذلك لأنها تقاتل ضد إيران. غير ان الاعجب من هذا العجب هو ان المنظمة الايرانية المسلحة «مجاهدي خلق» يمكن ان تكون تارة منظمة «تحررية» وتارة أخرى إرهابية، وفقاً لتقلبات المصالح الاستراتيجية الأميركية. آخر الاخبار تفيد بأن المنظمة صارت للتو منظمة محترمة معترفاً بها من منظور إدارة بوش. ونعلم ان المنظمة ظلت تمارس نشاطها القتالي لمدى سنين طويلة من قواعد داخل الأراضي العراقية ضد أهداف داخل الأراضي الايرانية.. وفي ظل رعاية من النظام البعثي العراقي السابق بقيادة الرئيس صدام حسين، وإلى ان سقط نظام صدام كانت «مجاهدي خلق» موضع غضب من واشنطن كونها حليفاً لصدام، لكن بعد سقوط صدام تغير الوضع على نحو فجائي عجيب. ان منظمة «مجاهدي خلق» لها تاريخ طويل. فقد دشنت نفسها للمرة الأولى كتنظيم مسلح خلال ستينيات القرن الماضي كجماعة معارضة لنظام الشاه في إيران الذي كان يحظى برعاية أميركية تحالفية، وبحلول عقد السبعينيات وسعت المنظمة عملياتها الاغتيالية لتشمل العسكريين الأميركيين في إيران بالاضافة إلى عناصر نظام الشاه. وعندما انتصرت حركة الثورة الإسلامية الإيرانية ضد نظام الشاه في عام 1979 كانت «مجاهدي خلق» من بين الفصائل المشاركة في الثورة.. بل واشترك بعض كوادرها في عملية الاستيلاء على السفارة الأميركية التي احتجز خلالها عدد من الدبلوماسيين الأميركيين لمدى أكثر من شهر ونصف الشهر. هكذا كانت «مجاهدي خلق» منظمة شديدة العداء للولايات المتحدة. لكن ما حدث بعد ذلك هو قصة مختلفة. فقد نشأ خلاف ايديولوجي بين قادة المنظمة ورجال الثورة الإسلامية الإيرانية، ومع اشتداد الخلاف انتقلت المنظمة إلى عراق صدام ـ الخصم الأكبر للنظام الإسلامي في إيران ـ وعلى الفور نشأ تحالف بين المنظمة والنظام البعثي شاركت بموجبه المنظمة في الحرب العراقية على إيران لصالح النظام البعثي. وكانت النتيجة في تلك المرحلة ان تحولت «مجاهدي خلق» في نظر الولايات المتحدة ـ التي كانت تؤيد العراق في حربه ضد إيران ـ تنظيماً صديقاً. وجاءت بعد ذلك حرب تحرير الكويت لتحدث تغييراً آخر: لقد صار صدام عدواً من منظور واشنطن، وهذا بدوره انسحب على «مجاهدي خلق». وبالرغم من ان إيران اتخذت موقفاً معارضاً ضد الغزو العراقي للكويت وأيدت الحرب التي شنت ضد العراق بقيادة الولايات المتحدة، إلا ان هذه الحرب اسفرت عن سياسة أميركية جديدة تحت عنوان «الاحتواء المزدوج».. أي معاداة العراق وإيران في آن معاً. وفي اطار هذه السياسة شمل العداء الأميركي منظمة «مجاهدي خلق» أيضاً، بالرغم من انها كانت تواصل القتال من الأراضي العراقية ضد إيران. وبقيت المنظمة هدفاً للعداء الأميركي إلى ان آن الأوان لغزو العراق بواسطة الولايات المتحدة. وحتى ذلك الحين كانت «مجاهدي خلق» مصنفة رسمياً على القائمة الأميركية للجماعات «الإرهابية». ووقعت الحرب كما نعلم في مارس الماضي. ودخلت القوات الأميركية الغازية الأراضي العراقية للمرة الأولى حيث اقامت سلطة احتلالية. والآن نعلم أيضاً من خلال أحدث التقارير الاخبارية ان الحرب الأميركية على العراق تمثل نقطة تحول جديدة في حياة منظمة «مجاهدي خلق». فجأة، وفي ظل الإدارة الاحتلالية الأميركية، لم تعد «مجاهدي خلق» منظمة إرهابية. فقد اعترفت واشنطن عملياً بشرعيتها فوقعت مع قادتها داخل العراق على اتفاق سلام تحتفظ المنظمة بموجبه بأسلحتها. وفي الوقت نفسه تبقى منظمات نضالية حقيقية ضد احتلال أجنبي مثل «حماس» و«الجهاد» و«حزب الله» كيانات إرهابية في نظر واشنطن. ولنتساءل مرة أخرى اذن: ما معنى الإرهاب؟

Email