خط مباشر ـ حكم بإعدام الأمة! ـ بقلم: أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 7 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 8 مايو 2003 لا نهاية للاحتلال الاميركي في العراق. هكذا تفيد المؤشرات المتواترة يوماً بعد يوم. على العكس فإن ما يجري في الحقيقة هو اعادة تركيب الدولة العراقية لتكون قاعدة وثوب اميركية لتنفيذ مغامرات متسلسلة في بقية انحاء العالم العربي والاسلامي. احدث الانباء تفيد بأن ادارة بوش تعتزم اعلان تشكيل «حكومة» عراقية في الايام المقبلة. وبغض النظر عن اي حكومة عراقية تقام في ظل احتلال عسكري اجنبي لن تكون سوى مجرد واجهة للادارة الاحتلالية، فإن التكوين العضوي للحكومة المرتقبة لن يؤدي الا الى تكريس السلطة الاحتلالية. فالعناصر الاساسية في هذا التكوين تمثل التنظيم السياسي الكردي بجناحيه (برزاني وطالباني) و«المؤتمر الوطني) بزعامة احمد الجلبي.. وكلاهما حليفان حميمان للولايات المتحدة. ومن الواضح ان هذه الحكومة سوف تكون اداة تنفيذية طيعة تخضع لتسيير كامل من بول بريمر رئيس الجمهورية الحقيقي في العراق، رغم ان لقبه الرسمي هو «رئيس الادارة المدنية». وعما قريب سوف نسمع ان الحكومة العراقية الجديدة سوف تشرع في اجراء اتصالات مع اسرائيل تمهيداً للاعتراف بها وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها. كل شيء اذن مرتب ومخطط له بعناية وتفصيل دقيق، وليس هذا استنتاجاً. فالمرء يعجب من الصراحة المذهلة التي اخذت تتسم بها السياسة الاميركية تجاه العالم العربي والاسلامي لمرحلة ما بعد العراق. فالنوايا والاهداف تنشر سلفاً وبلغة لا يشوبها كثير غموض.. ان لم يكن ببيانات وتصريحات رسمية.. فعلى هيئة تسريبات اعلامية. لقد القى جيمس وولسي رئيس جهاز الاستخبارات المركزية الاميركية مؤخراً محاضرة على طلاب جامعة كاليفورنيا، تحدث فيها عما اسماه «الحرب العالمية الرابعة» قائلاً ان الولايات المتحدة شرعت في هذه الحرب بالفعل. وبعد ان اشار الى الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة (كحرب ثالثة)، قال انه يأمل ان تكون الحرب الرابعة الراهنة اطول زمناً من سابقاتها. من هم الاعداء في هذه الحرب الرابعة؟ لم يحاول وولسي ان يناور او يجادل بل قال بصورة مباشرة ان الاعداء «في الوقت الحاضر» هم في سوريا وايران (بعد ان انتهى امر العراق) وجماعات من امثال تنظيم «القاعدة». على ان اصطلاح «الحرب الرابعة» ابتدعه في الحقيقة كاتب صحفي اميركي يعبر عن رؤية المجموعة الصهيونية داخل ادارة بوش التي يتصدرها كل من نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومساعده بول وولفويتز. وينادي نورمان بودورتز بتغيير الانظمة الحاكمة في سلسلة من الدول العربية والاسلامية، سواء كان حكامها معادين للولايات المتحدة او موالين لها.. فحتى الانظمة الموالية لواشنطن قد تتردد في الاعتراف باسرائيل وتطبيع العلاقات معها قبل ان ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في التحرر الكامل من الاحتلال الاسرائيلي. ويقول بودورتز ان التطرف والعنف والفوضى التي قد تنشر في العالم في مرحلة ما بعد الحرب على العراق، ينبغي الا تثني الولايات المتحدة عن المضي في مسلسل اسقاط الانظمة التي ترفض التطبيع مع اسرائيل، بل على العكس ان تكون «ذريعة ضرورية» للمزيد من التدخل الاميركي العنيف. ويبدو ان الهدف المفترض اكبر من مجرد حمل العرب على قبول اسرائيل كقوة اقليمية متفوقة في المنطقة. فهذا الكاتب الذي يعبر عن افكار وكلاء الحركة الصهيونية في الادارة الاميركية يدعو الى اجراء «اصلاحات» في الدين الاسلامي! وهذا مما يعيد الى اذهاننا ما يقال عن اعتزام الولايات المتحدة فرض تغييرات جذرية في مناهج التعليم الديني بما يحبب اليهود الى الاجيال الصاعدة في العالم العربي والاسلامي. وفي هذا الصدد فإن الكاتب الصحفي بودورتز يدعو الى فرض «ثقافة سياسية جديدة» على «الدول المهزومة». ان المرء بقدر ما يعجب للصراحة الاميركية وما تخطط له في العالم العربي والاسلامي للمستقبل المرئي بالعين المجردة، يعجب بنفس القدر للخمود العربي والاسلامي على الصعيدين الرسمي والشعبي معاً، وكأنما يجري هذا التخطيط الاميركي الخطير في كوكب المريخ.

Email