خواطر ـ «دوللي».. وأخواتها..! ـ بقلم: ابو خالد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 7 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 8 مايو 2003 لفظت الشابة الصغيرة «دوللي» أنفاسها الاخيرة، انتهت حياة الراحلة القصيرة عن عمر لم يناهز سنوات معدودة، في هدوء رحلت النعجة «دوللي» المستنسخة تاركة لمن استنسخوها ولمن راودتهم بولادتها أحلام وردية عن مستقبل الاستنساخ الحسرة وخيبة الامل، مؤكدة في رحلتها القصيرة انه لا يصح إلا الصحيح، وان الاصل هو الباقي والتقليد هو الزائل.. وتلك حكمة الله..! «دوللي» لم تكن هي الاولى ولا الاخيرة في عالم الاستنساخ، فعلى خطى استنساخ دوللي تجري يومياً عمليات استنساخ من كل لون ونوع.. وفي كل موقع ومجال، عمليات لا تحتاج طبيباً ولا تستلزم غرفة عمليات، وقديماً كانت مثل هذه الاستنساخات يطلق عليها اسم «اقتباسات» الاخير استنساخ «منه.. فيه»، أي ان المحطة الفضائية تستنسخ من بعض برامجها برامج مشابهة تحمل اسماء أخرى لمحاولة سد فترات الارسال الطويلة بأي «عك» مستنسخ..! مبدئياً نبدأ بالاستنساخ من فضائيات وتلفزيونات غير ناطقة بالعربية، ولا بأس الى حد ما من هذا النوع من هذا الاستنساخ ما دام مدروسا وملائما لعالمنا العربي ولم يسبق استنساخه مسبقاً، اما ما يحدث اليوم من محاولة النقل الاعمى، إما من الاصل مباشرة.. وإما «اختصاراً للوقت وللجهد» النقل من الفضائية العربية صاحبة «الريادة» في النقل، وتكون النتيجة في هذه الاحوال مهزلة بكل المقاييس لا تقل في صورتها المستنسخة عن مسرح «الاراجوز» المعروف ولا يقل شكل أو اداء مقدميها عن شكل وأداء عرائس الاراجوز الخشبية..! اقرب مثل معاصر لمثل هذا الاستنساخ في وضعية «الاصلي والمستنسخ» هو برنامج «من سيربح المليون» الذي لم يأت نجاحه الساحق من مجرد انه صورة من برنامج عالمي معروف، بل لانه أولاً كان تعريفاً للمشاهد العربي ببرنامج مسابقات جماهيري جيد، ولانه ثانيا وثالثا اعتمد على مقدم متميز ومتمكن وصاحب اسلوب خاص في التقديم، ثم انه كان أخيراً «الاصل» العربي للبرنامج الدولي، ثم ماذا حدث بعد ذلك؟..، حاولت فضائيات محترمة استنساخ البرنامج مرة اخرى عربياً.. ولم تجد «ولم يكن من السهل ان تجد» من يقدم هذا البرنامج بنفس امكانات «قرداحي» الفنية والشخصية، فلم يكن اداء اي مقدم آخر سوى التقليد الممل والغليظ لاداء «قرداحي» ونفس اسلوبه في الحوار، وكانت النتيجة هي نفس نتيجة ونهاية الفقيدة «دوللي» التي لم تستطع ان تكون «الاصل».. ولم تستطع ان تعيش كصورة مشوهة.. فتوكلت على الله.. ورحلت لتكون في استقبال أي «دوللي» أخرى قادمة.. سواء كانت «دوللي» الجديدة حيواناً.. أم إنسانا.. أم برنامجاً تلفزيونياً!! ما حدث في دوللي «من سيربح المليون» تكرر وتكرر ومازال يتكرر في فضائيات عديدة، وبالذات في برامج ما يسمى بـ (التوك شو) والتي انتشرت واستنسخت في كل الفضائيات بلا ضابط ولا رابط، وكل ما تحتاجه هو مقدم برامج (رِوِش) أو مقدمة برامج ( )، وشُلة من شباب الكومبارس كل مؤهلاتهم انهم يجيدون الرقص والتصفيق حسب توجيهات مقدم أو مقدمة البرنامج، هذه هي كل مستلزمات البرنامج، أما ما يدور في ساحة البرنامج ذاته فهو استنساخ متكرر في كل الحلقات وفي كل المستنسخات الاخرى في باقي الفضائيات، نفس الضيوف.. ونفس الحوار.. ونفس التفاهات، المهم ان تكون هناك دائما فنانة من طائفة الـ (هشّك بشك) تجيد الحديث بعينيها وشفتيها.. وتجيد الحوار بصدرها وخصرها وساقيها، وكلها في نهاية الأمر تسير على مبدأ (شيلني واشيلك) المنبثق من قاعدة (لمعني وألمعك)، وكلها اخيرا.. أرزاق تنبع من معادلة (رزق الهبل على المجانين)، والمجانين هنا ليسوا ضيوف برنامج الـ (توك شو) فقط.. بل كل من يجد الشجاعة والقدرة على متابعة مثل هذه البرامج..! ــ الاستنساخ الفكري.. والثقافي.. والفني.. والتلفزيوني مازال مستمرا.. وناشطا.. ومربحا.. ولكنه آخر الأمر لا يجد مفرا من اللحاق بالفقيدة (دوللي)، ولا عزاء للمستنسخين والمستنسخات..!!

Email