بدون عنوان، بقلم: مريم عبدالله النعيمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 3 صفر 1424 هـ الموافق 5 ابريل 2003 من باب البحث عن بعض المكاسب وسط هذه المحنة القاسية نفتح الطريق لكي تتدفق عشرات الاسئلة المشروعة، والتي آن الأوان لكي تحظى بالرد الذي يشفي بعض ما في الصدور ويداوي بعض جراحها النازفة. من ضمن هذه الاسئلة الملحة: هل يمكن ان تساهم الحرب على العراق في تقليص هامش الخلافات بين الدول العربية والمسلمة، وفي التقريب بين وجهات النظر المسرفة في التباين والاختلاف، وفي دعم حركة التبادل التجاري بين الاقطار المسلمة على النحو المنتظر؟ هل يمكن ان تحيي هذه الحرب مشاعر التضامن وتجدد الشعور بالولاء وتحقق معنى الانتماء الى هذه الامة التي تجمع بين اقطارها روابط الدين، واللغة والتاريخ والجغرافيا والمصير المشترك؟ هل تستطيع هذه الحرب ان تجعل ابناء الأمة يتفوقون على انفسهم، ويحزمون امرهم باتجاه دعم شعب العراق دون ادنى تلكؤ أو دخول في تحليلات وآراء تجهض العزائم، وتفتك بالهمم والنوايا الحسنة؟ هل يمكن ان تستثمر هذه الحرب المشاعر الاخوية التي بدأت تعلن عن نفسها من جديد، وتدفع بها نحو العمل المشترك لتحقيق المصالح العليا للأمة؟ هل يمكن ان نقف وقفة شجاعة مع ذواتنا ونسألها: من أين جاءت هذه الرياح الحارقة، وما هي نسبة مشاركة كل واحد منا في المآسي التي تحل بنا؟ هل يمكن ان تؤدي هذه الحرب الى ايقاظ الشعور بالمسئولية الفردية من جديد بدلاً من حالة الاسترخاء والتواكل التي اثرت على العقول واصابتها بالشيخوخة المبكرة؟ هل يمكن ان تزول اعراض سوء الفهم عن الملايين ممن غيبوا عن معرفة واقعهم، وادراك حجم التحديات التي تحيط بكيانهم ومستقبل اوطانهم؟ هل يمكن ان تحيا هذه الامة من جديد، وتستلم المبادرة وترفض الحلول الانسحابية، وترد على الظلم وتبقى خطوطها الدفاعية في حالة استنفار وتأهب لما هو آت؟ هل يمكن ان نعلن حالة الطواريء كما فعلت الاسر العراقية منذ اغسطس 1990 وحتى اللحظة الراهنة، ونسقط من اجندتنا العائلية نفقات الترفيه ولو الى بضعة اسابيع لنعلم ابناءنا معنى المشاركة في السراء والضراء مع الاخوة والاشقاء؟ هل يمكن ان نعيد تشكيل علاقاتنا الاجتماعية في الوظيفة والحياة العامة وفقاً لما يفرضه علينا الواجب في وقت الازمات فنغلب الثقة وحسن الظن واحترام بعضنا البعض، ونضرب عرض الحائط بالاحكام المسبقة التي ثبت انها العدو الاول الذي يتربص بالانجاز والفاعلية والتميز؟ هل يمكن ان نتوقف عن المعالجات الجزئية لمشاكل تحتاج الى علاج شامل، ونمتنع عن اعطاء مسكنات لامراض مزمنة فشلنا في التصدي لها ومقاومتها بالطرق الصحيحة؟! هل يمكن ان نبصر المستنقع الذي آلت اليه المدنية الحديثة، وندرك ان الاخلاق تحتضر اليوم على يد القتلة، والمستهترين بكرامة الانسان؟ هل يمكن ان نرصد مقدار النحت والتقزم والتآكل في الضمير السياسي الذي لم يعد قادراً على تأدية ابسط مهماته؟ أخيراً: هل تكفي الصواريخ والقنابل العنقودية لتبعث فينا الهمة للتصالح مع منظومة القيم والاخلاق الخاصة بنا والتي ادى التفريط بها الى مواجهة كل هذه المخاطر؟!!

Email