مسئولية ايقاف الحرب، بقلم: عبدالله اسحاق

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 3 صفر 1424 هـ الموافق 5 ابريل 2003 على مدى ثلاثة عشر عاماً متواصلة، عانى العراق من حصار شامل لم يسلم من أضراره أي قطاع من قطاعات الحياة المدنية أو العسكرية، وفرضت عليه سلسلة غير مسبوقة من القرارات «الدولية»، منعت عنه الغذاء والدواء، وجردته من أسلحته التقليدية وقدراته الدفاعية، وكل ذلك باسم الشرعية الدولية والقانون الدولي! وقد تعاون العراق إلى حد كبير مع هذه القرارات، وكانت أعلى درجات التعاون مع القرار الأخير رقم 1441 الصادر عن مجلس الأمن، وباعتراف المفتشين الدوليين. ورغم كل ذلك، وبعد أن عاث هؤلاء المفتشون أنفسهم في طول العراق وعرضه بحثا وتنقيبا عن كل شيء وأي شيء، وحددوا كل موقع فيه، حتى المنازل والأسواق ومختلف المواقع المدنية، تأتي الحملة الأميركية البريطانية لتدمر ذلك كله، بما تملكه من أسلحة دمار شامل «بالغة الذكاء» لدرجة أنها تستطيع اقتناص الطفل الرضيع في حضن أمه والعجوز القابعة في غرفة نومها، كما شاهدنا على شاشات التلفزيون يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين على سبيل المثال! فمن المسئول عن رد هذا العدوان الخارج على الشرعية الدولية وعلى كل المباديء والقيم الإنسانية؟! لقد أبدى الشعب العراقي الراسخ الجذور في الحضارة والتاريخ، وبكل فئاته وفي كل المواقع، مقاومة بطولية ومشرفة بحق. لكن ذلك لا يعفي الآخرين من مسئولياتهم، خاصة أولئك الذين وقعوا على تلك القرارات وساهموا في تنفيذها، ليجردوا العراق وشعبه من الوسائل التي تمكنه من حق الدفاع المشروع عن النفس، ثم يتركوه لقمة سائغة بعد ذلك للعدوان وأسلحته الفتاكة. ان على المجتمع الدولي كله، بصورة جماعية وعلى مستوى كل دولة ساهمت في الحصار وأقرت نزع أسلحة العراق، مسئوليات تاريخية وإنسانية واخلاقية وقانونية لحماية العراق أرضا وشعبا وتراثا حضاريا إنسانيا، بل وحماية العالم كله، من هذا الدمار ضد شعب عانى الكثير طوال عقدين كاملين من السنين، ويهدد بوضع المنطقة كلها والعالم على فوهة بركان من الحروب والاضطرابات، لا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه من نتائج وكوارث على كل المستويات. وإذا كان الشعب العراقي يستحق مثل هذه الحماية الدولية والفورية، فإن الأمر لا يقف عند هذا الحد، وإنما يمتد ليشمل ضرورة الحماية الجماعية للأمن والسلم الدوليين، من هذه الرعونة التدميرية التي تفوق قدراتها خطورة النازية وما قامت به دول المحور بقيادة هتلر في الحرب العالمية الثانية. لقد أفصح الأميركيون وتوابعهم عن أهدافهم ومخططاتهم الحقيقية، وعلى العالم أن يختار وبسرعة: إما الدمار الشامل عبر سلسلة لا نهائية من الحروب والكوارث، وإما مواجهة العدوان وإيقافه قبل أن يستشري و«يتغول» أكثر فأكثر!!

Email