الى اللقاء، ياباني أم فيتنامي؟!، بقلم: عماد الدين حسين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 2 صفر 1424 هـ الموافق 4 ابريل 2003 «كان علينا تدمير القرية بكل سكانها من أجل انقاذها» هذه مقولة شهيرة قالها كولونيل أميركي ملخصاً بها وجهة نظره ووجهة نظر بلاده عقب قيام سلاح الجو الأميركي بإبادة قرية فيتنامية خلال المستنقع الذي وجدت فيه الولايات المتحدة نفسها غارقة فيه قبل ان تجر أذيال الهوان منسحبة من هناك. حاولت مراراً ودون جدوى أن أفهم مغزى هذه العبارة العجيبة منذ قرأتها قبل وقت طويل.. ومرة أخرى وقبل أيام خرج علينا مؤخراً الجنرال الأميركي هارلان أولمان صاحب نظرية «الصدمة والرعب» ليحدثنا بنفس المنطق السابق في سياق كلامه عن الحرب الحالية، يقول الجنرال على صفحات «الغارديان» البريطانية: «إننا نحن الأميركيين عندما قصفنا هيروشيما وناغازاكي بالقنبلتين الذريتين عام 1945، فإننا فعلنا ذلك في الحقيقة من أجل مصلحة الشعب الياباني» وكيف يعقل ذلك أيها الجنرال؟! يضيف بأن السبب بسيط وهو «أن اليابانيين كانوا يعانون من مرض خطير هو النزعة الانتحارية، وبالتالي كان يمكن ان يخسروا ملايين القتلى في الحرب العالمية الثانية إذا لم يتم كسرهم، وعندما قتلت القنبلتان الذريتان حوالي 120 ألف شخص وأعلنت اليابان الاستسلام فإنها خسرت فقط 120 ألف شخص في كل قنبلة ولم تخسر الملايين»!! كنت أعتقد دائماً أن النزعة العنصرية والغطرسة والادعاء باحتكار الحقيقة وعبادة القوة هي صفات تنطبق فقط على الحركة الصهيونية. الآن فقط ومن خلال متابعة مجريات العدوان الأميركي البريطاني على العراق الشقيق يمكن القول وبثقة تامة أن المفردات والتعبيرات والتصرفات التي يستخدمها المعتدون ما هي إلا نسخة غير منقحة مما يحدث في فلسطين السليبة، وإليكم بعض الأشياء المتشابهة: ـ تمارس اسرائيل الذبح والقتل ليل نهار ضد سكان البلاد الأصليين، لكن ذلك لا يمنعها من القول أنها تهدف لوجود قيادة فلسطينية معتدلة وبعد وقف كافة أشكال المقاومة وان مشكلتها تتمثل فقط في شخص يدعى ياسر عرفات، نفس الأمر تكرره واشنطن مع استبدال اسم عرفات بصدام حسين. ـ صواريخ اسرائيل الأميركية الصنع تقتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ في شوارع غزة ورام الله ونابلس والخليل، ثم تعلن ببراءة منقطعة النظير انها تأسف لوقوع مدنيين لكنها تبرئ نفسها بأن «المخربين والارهابيين» يدسون أنفسهم وسط المدنيين، وهذا الأمر حدث بالنص قبل ساعات في شوارع النجف والحلة وطريق بغداد ـ عمان بصواريخ ورصاصات أميركية واسرائيلية، وكان التبرير هو نفسه لم يتغير! ـ تقول اسرائيل انها مستعدة لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل تسوية شاملة، وأنها لا تهدف للسيطرة على أو حكم الفلسطينيين، في حين تكرر أميركا ليل نهار انها جاءت إلى العراق لتحريره!! ـ حاصرت اسرائيل بعض المدنيين والمقاومين داخل كنيسة المهد في بيت لحم، وتكرر الولايات المتحدة نفس الأمر مع العراقيين في مسجد وضريح الإمام علي كرم الله وجهه بالنجف. ـ تدعي اسرائيل منذ أمد أن أسلحتها الدقيقة في غاية الذكاء وأنها تستطيع ليس فقط اصابة هدف داخل حجرة عبر النافذة، بل عبر فتحات التهوية، أما حديث الأميركان عن ذكاء أسلحتهم فحدث ولا حرج، والنتيجة يعرفها جميعنا واسألوا عنها أقارب الضحايا في فلسطين والعراق! ـ يزعم الاسرائيليون انهم شعب الله المختار وان بقية العالم من «الأغيار» هم مجرد قطعان من العبيد خلقوا فقط ليكونوا عبيداً، والآن نسمع جورج بوش يقول كل يوم ان حربه ضد العراق هي رسالة أو مهمة الهية، ويطالب شعبه بالصلاة كي تتحقق المهمة. ـ اسرائيل سرقت وطناً بكامله وتحدت مئات القرارات الدولية وتمارس البلطجة في كل لحظة ضد غالبية الدول المجاورة، وأميركا ذهبت إلى العراق اعتماداً على آلتها العسكرية فقط متحدية غالبية العالم. ـ حتى طريقة التحرك داخل الأرض العربية المحتلة واحدة.. هل تتذكرون كيف كان يقف الجندي الاسرائيلي أمام أبواب الفلسطينيين في مخيم جنين الذي يحيي هذه الأيام الذكرى الأولى للمجزرة الشهيرة.. كان الجندي المحتل يدفع الباب بحذائه الثقيل أو يقوم أحد مرافقيه بتفجيره.. نفس الحركة تكررت بحذافيرها في شوارع الناصرية وأطراف النجف والبصرة، للدرجة التي تشوش ذهني فيها، هل ذلك يحدث في العراق أم فلسطين؟! هل هي صدفة هذه الأشياء المتشابهة.. أم ان اللعبة واحدة.. والجريمة واحدة، لكنها الحلقات المختلفة؟ إذا بحثنا في أصل الأشياء ودققنا في «العصابة الصهيونية» التي تعشعش كالغربان في دهاليز البيت الأبيض وبالبنتاغون، لاكتشفنا بسهولة ان اسرائيل هي الرابح الأكبر مما يحدث، وأن أميركا ستكون الخاسر الأكبر في نهاية المطاف. وبالعودة إلى ما بدأنا به فإن المرء ليضع يده على قلبه وهو يسمع كل لحظة من أركان الادارة الأميركية وهم يكررون ان هدفهم هو انقاذ الشعب العراقي، ولا نعرف هل يتم ذلك بالطريقة التي طبقوها على القرية الفيتنامية، أم الطريقة اليابانية، أم ينتهي الأمر بالعودة إلى الجذور، أي الإبادة على الطريقة الاسرائيلية؟! نسأل الله الستر والنصر للمقاومة العراقية.

Email