خواطر: بقلم: أبو خالد، يحكى أن.. وأن.. وأن..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس غرة صفر 1424 هـ الموافق 3 ابريل 2003 يحكى انه كان للعرب في قديم الزمان وسالف العصر والأوان دولة كبرى. لها مجد وسلطان وصولة وصولجان، تتكلم فيستمع لها العالم.. وتتحرك فتحسب الدنيا لحركتها الف حساب وحساب، ثم دار الزمان.. وجاء احفاد العرب المغاوير، واحفاد احفادهم الاشاوس، فقسموا الدولة إلى دويلات.. وحولوا «الخلافة» إلى خلافات، واستقروا مرتاحين على العروش.. بعد ان اثقلتهم التخمة والكروش! ويحكى انه كان للعرب في قديم الزمان غزوات وفتوحات.. كانت تتوج غالباً بالانتصارات، وكانت لنا جيوش جرارة.. على رأسها قيادات جبارة، ثم دارت الايام.. وتوالت القرون والاعوام، فتشرذمت الجيوش وتفرقت القيادات.. وتحول الجميع إلى حرس خاص لحكام الدويلات، فاستباح العالم ارضنا.. واسترخصوا عرضنا، واصبحنا بحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. مسخرة الدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله..! ويحكى انه كان للعرب في يوم من الايام دولة في الاندلس لها امجاد وحضارات.. واستمر وجودها قرونا وسنوات، حتى لحقتها كما لحق غيرها النكسة.. وجاءها من حكامها من حققوا «الوكسة»، فانهارت الدولة وكان ما كان.. وأصبحت «الاندلس» في خبر كان..! ويحكى انه عندما ابتلي العرب بالصليبيين.. الذين دنسوا القدس واحتلوا فلسطين، سلط الله عليهم صقراً من صقور الاسلام.. هو القائد صلاح الدين الهمام، الذي انقض عليهم كالصاعقة.. وامطرهم ناراً حارقة، ففروا امامه كالجرذان والقردة.. وطردوا من ارض العرب شر طردة، ثم راح عصر صلاح الدين.. وانتهى بانتهائه عصر القادة المحترمين، ليحل مكانهم قادة آخر الزمان.. الذين فتحوا احضانهم وبلادهم لكل مستعمر جبان! ويحكى انه كان للعرب في يوم من الأيام ارض تسمى «ارض فلسطين».. تحتضن مقدسات المسلمين والمسيحيين، ما كادت تستريح من احتلال الصليبيين الغزاة.. وتعود إلى اصحابها البهجة والحياة، حتى حط الصهاينة عيونهم عليها.. واندفعوا من كل اقطار الارض اليها، تدفعهم الاحقاد والاطماع.. ويساعدهم منا الخنوع والانصياع، وكالعادة.. ضاعت فلسطين.. ومازلنا حتى اليوم نحاول استردادها بالخيار الاستراتيجي اللعين! يحكى ان.. ويحكى ان.. ويحكى ان..، والحكايات لا تنتهي، بداية الحكاية دائماً مبشرة.. ونهاية الحكاية دائماً مأساوية، حكاياتنا العربية لا تؤمن بالنهايات السعيدة كما هو الحال في افلامنا العربية، فهي حكايات مقلوبة، تبدأ بالحب والزواج.. وتنتهي بالخناق والطلاق، نبدأ الحكاية مستبشرين منصورين.. وننهي الحكاية متراجعين مهزومين، حتى النهايات السعيدة سرعان ما نفقدها، كأننا لا نرضى بغير الهزيمة، ولا نسعد الا بالخسارة.. خسارة الأرض.. وخسارة المباديء.. وخسارة الحريات.. ثم خسارة أنفسنا ومستقبلنا في نهاية الأمر! يحكى اننا خسرنا الاندلس.. ويحكى اننا خسرنا ثرواتنا.. ويحكى اننا خسرنا استقلالنا.. ويحكى اننا خسرنا فلسطين الارض والوطن، وقد يحكى اننا ـ لاقدر الله ـ خسرنا العراق، ثم تتوالى حبات مسبحة الخسائر التي لا تفارق أصابعنا حتى نصبح أمة من «العرب الحمر»، نحني رؤوسنا لأي «كاوبوي» صايع.. ونبيع حرياتنا وكرامتنا ثمناً لساندويتش «هامبورجر».. أو لقمة بيتزا.. أو جرعة كولا.. أو حتى مجرد ابتسامة من مسئول أميركي.. حتى ولو كان أحد حراس البيت الأبيض..! متى يدرك شهرزاد العربية الصباح.. فتسكت عن الكلام المباح والمستباح.. ونستريح من حكايات «ألف ليلة وليلة» التي تحولت على أيدينا إلى «ألف نيلة ونيلة»..؟!

Email