أبجديات، بقلم: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 30 محرم 1424 هـ الموافق 2 ابريل 2003 تكشف بعض أصوات من يسمون انفسهم بـ (المعارضة العراقية) عن غباء سياسي لا اظنه موروثا او كامناً في شخصيات المعارضة السياسية، ولكنه نوع من الغباء المتصنع او المبرمج ان صح القول، فهناك وجوه تطالعنا يوميا عبر شاشات الفضائيات، تتحدث وتحلل وتقرأ في سِفْر الحدث الاخطر الجاري في المنطقة، وكأنها تعيش في متحف او خارج التاريخ، تقرأ بالمقلوب، وتتحدث بشكل يستفز حتى (محمد) الطفل الصغير ابن الثانية عشرة الذي قذف الشاشة بشيء ما كان في يده شاتما الرجل (المعارض) بما لا يليق ذكره في هذا المقال!! (تقاوم) المعارضة العراقية من مواقعها الحصينة على ضفاف نهر التايمز في بريطانيا، و (تقاتل) بشراسة عبر الفضائيات العربية، و (تزحف) الى العراق بكامل اناقة جيوشها دون ان تنسى ربطات العنق الانجليزية الطابع، وبلا شك فان عطورا باذخة انفق عليها كثيرا ضمن بند (مستلزمات المقاومة) تفوح في الطريق الى بغداد زحفا مباركا سيخلص العراق من طغيان صدام حسين، ليضعها لقمة سائغة وهيِّنة في أفواه المعارضة المتلهفة على مغانم الحرب ومباهج السلطة!! فلا يزيد العربي المقهور لكل ما يحدث امامه في كل لحظة سوى عنجهية جورج بوش، واستفزاز رامسفيلد، وتصريحات بعض وجوه المعارضة العراقية الذين يروجون للحرب بشكل يفوق قدرة الاميركان، ويفندون حجج القتل والدمار وكأنهم يتحدثون عن مشهد في فيلم سينمائي خيالي، او كأن بغداد ليست عاصمة الوطن الغالي الذي (يناضلون) لأجله من هناك، من عواصم الغرب الجميلة! انهم يصبون على رؤوسنا يوميا حمماً من الكذب والغباوات السياسية التي لا يصدقها عقل ولا يفهمها منطق، فالحرب التي تشن على العراق هي حرب تحرير هكذا يرددون من غيرهم من مؤيدي الصقور البوشيين في واشنطن، واما ضحايا الحرب من الاطفال والابرياء فهؤلاء اما انهم يقتلون خطأ، فما من حرب نظيفة بلا ضحايا (هكذا يبرر المناضلون قتل اهلهم) واما انهم يقتلون على يد قوات النظام العراقي الذي يتعمد قصف المدنيين لاحراج جيوش اميركا امام العالم!! وزيادة في قهرنا يخرج علينا معارض مفوه يرسم سيناريو الخلاص من صدام حسين على يد القوات الاميركية والبريطانية هكذا: ستقوم هذه القوات بمهمتها (الانسانية) لتحرير شعب العراق، وتنظيم الامور فيه، وتسليم السلطة لابنائه الشرفاء من المعارضة العراقية، وهنا ـ حسب تصريحه ـ فان هذه المعارضة ستكون ممتنة لاميركا، وماذا إذا لم تخرج اميركا من العراق واحتلته بالفعل كما تخطط وتعلن عن خططها بكل صراحة، والذي يبدو أن الاخ المعارض لا يقرأ الصحف ولا يشاهد التلفاز؟ الجواب جاهز طبعا: سيقوم الشعب العراقي بمقاومة المحتل، فالعراقيون لن يرضوا بالاحتلال طبعا!! اذن الشعب العراقي ـ وليست المعارضة الباسلة ـ هو الذي سيقاوم المحتل ان هو فكر في احتلال العراق! فماذا يفعل الاميركان الان في العراق؟ الا يحتلونه امام انظار العالم والمعارضة، الا يدمرونه بشكل مبرمج ومخطط حتى يعيدوا اعماره مرة اخرى فيقبضون الثمن اضعافا مضاعفة كما يخططون: كلفة الحرب البالغة 75 مليار دولار والتي رصدها الكونغرس ستقتطع فيما بعد من نفط العراق، تدمير العراق يتم على يد الاميركان وستعطى شركات تكساس وغيرها عقودا بالمليارات لاعادة البناء، وبالتأكيد سيكون ذلك من نفط العراق، وسيتم ادارة موانيء الجنوب من قبلهم وسيضعون ايديهم على حقول النفط الغنية والتي تحتوي على ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم، وبعد ذلك ينتظر السادة اقطاب المعارضة ان يسلمهم الاميركان حكم العراق!! يالغباء الانسان حينما يدخل نفق الطمع، ويبيع وطنه للمحتل والغازي بلا حياء وامام العالم! الاميركان والبريطانيون يتقاسمون العراق: ارضه ونفطه وامواله، كما يتقاسمون قتل شعبه بالتناوب، والاسرائيليون دخلوا على الخط منذ اليوم الاول وهم يفكرون في اعادة تشغيل خط انابيب حيفا ـ الموصل ليحققوا مقولتهم الخالدة (من النيل الى الفرات) بينما المعارضة تمني نفسها بحكم العراق!!

Email