استراحة البيان ـ قال لي جدي ـ يكتبها اليوم: سالم الزمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 24 شعبان 1423 هـ الموافق 30 أكتوبر 2002 جلس طفل إلى جده يسأله: كيف كنا يا جدي كيف كان أهلنا يعيشون كيف كانت حياتهم ماذا فعلوا في حياتهم وكيف نحن الآن؟ هل كانت حياتهم مثل حياتنا كيف ترى الحاضر والماضي وهل أنت خائف من المستقبل؟ كذلك راح يقول الحفيد ويجيبه الجد «كيف كنا يا جدي؟» كُنّا غُراةَ البيد نذرعها حافين بعضُ نِعالنِا جَمْرُ متأبطينَ بنادقاً صَدِئَتْ فُوْهاتها أزرى بها الدهرُ دُهْمُ الليالي تحتَ أعيُننا يبقى لها مِن سُهْدِنا سَطرُ نحَيا على بحرٍ بشاطِئهِ فقرٌ وفي أحشائِهِ دُر لحبالِهِ بكفوفُنا وشمٌ ولِمَوْجِهِ بقلوبنا نَقْرُ نشتاقهُ عقداً وليس لنا جيدٌ بِهِ يزهو ولا نحْرُ «ماذا كنا نفعل؟» هل كان لنا إلا البحر إلا تلك المراكب التي كانت صدوراً تحمل أشواقنا إلى الاهل الذين نفارقهم حتى يمل منا الفراق ذلك البحر الذي كنّا.... نسعى به في ذاتِ أشرعةٍ وبها كما بنفوسِنا كَسْرُ كُنّا عليها الجوعُ يصَحَبُنا والأسودانِ الماءُ والتّمْرُ «من كان يعرفنا؟» كنا المجهولين الذين لا يعرفنا أحد بل لا يلتفت إلينا أحد نولد ونعيش ونذهب ونرحل لا يعرفنا إلا الريح والبيد والبحر... ميلادُنا نُكرٌ ومِيتَتُنا نُكْرٌ وكُل حياتنا نُكْرُ كذلك كنا حتى فتح الرحمن أبواب الخير والعطاء غدقاً ثراً ذلك الخير الذي جعلها مهوى القلوب والابصار. حتّى تفجّر بالمُنى غدِقا في الأرض هذي زيْتُها الثر أسرى بها كالريح مرسلةً تُزْجِي سحاباً مِلؤُهُ القَطْرُ فماذا حدث؟ فإذا الربى الجرداءُ مُزهِرةٌ وإذا الروابي بالمنُى خُضرُ وإذا الرّعاةُ السمْرُ قد لَبِسوا ثوبَ الحضارةِ وشيُهُ السحُر «لكن ماذا حدث؟» كُنّا وجوه الدار تعْرِفها بوجوهِنا حتى طغى الأمْرُ صَرِنَا بها من فرط قلتنا في كُل ألفٍ عَدنا صفرُ «ماذا يقول العاشق الخائف؟» وَجَلي علينا كيف لو غَلبَت تلك الوجوه وولْوَل الذّعْرُ فنروح نبحثُ عن هويتنا فنعودُ لادارٌ ولا ذِكْرُ لَنْ يبقى مِنّا غيرُ ما تَرَكت أيدي البلى واستُحْفِظَ الشعْرُ

Email