آخر الكلام ـ يكتبها: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 22 شعبان 1423 هـ الموافق 28 أكتوبر 2002 كلها البلدان العربية متشابهة حينما تتغلغل في اعماقها، وكلما انزلقت رجلك الى همس حواريها الصغيرة، وتسللت الى قلوب مواطنيها، هم واحد مشترك، نبض العربي واحد لا يمكنك التفريق بين هذا وذاك، وتقول بداخلك ما بال هذه الحواجز المصطنعة لا تتكسر ولا تزول طالما الحقيقة هي كذلك. حينما تجرب ان تكون وحدا من الذين يمرون في شرايين وعروق اي بلد عربي تشعر انك الاقرب الى أهله وناسه، وحينما يفتح لك احدهم قلبه مطمئنا اليك فانك تسمع ما بداخلك وكأنك هو او هو أنت، لا فرق بين ما يشعر به هذا العراقي الجالس بقربي الآن في أحد المقاهي الشعبية وبيني، ولا فرق بين ما قاله صاحب الكافتيريا الشعبي في السوق القديم ، ذلك الاردني الاشيب وبين ما قلته انا قبل عامين او ثلاثة على شاطئ البحر الخليجي.. المواطن هذا أو ذاك يحدثك عن أحلامه وأمنياته في بلده، وكأنه يحدثك عن أمنياتك واحلامك في بلدك، هي الهموم ذاتها، وحينما تقول اميركا، او تقول فلسطين، او تنبش توجسات العولمة، والاخر الطامع فينا تجد النبرة الواحدة.. ما بال هذه الحواجز تتراكم وتزداد طالما العربي يتنفس العروبة اينما حل وذهب وكان في هذا الوطن العربي الكبير؟ ما بالنا ونحن نتنفس من رئة واحدة يباعدنا كل هذا الزيف، وتلك الجدر المفتعلة؟ ما بال الغريب المعاد، الطامع، السارق، القاتل المجرم، المستعمر، الغاشم، المتسلط، المتغطرس يسهل عليه اشعال فتائل البين والبغض والهجر والقطيعة بين اخوة الصدر الواحد؟! تنزلق قدماك في الحواري، وشرايين البلد العربي الذي تزوره، فتقول لك الارصفة والدكاكين انك هنا بين اهلك واخوانك وخلانك، تنزلق بمشاعرك اكثر نحو الأهل والاحبة، فتسمع نبض قلبك في صدورهم، لكنك حينما ترفع رأسك لترى السحاب المزيف والمسموم والمزيف تدرك ان هناك اصابع خفية لا تريد لك كل هذا الوطن الكبير، ولا هذه العشيرة الكبيرة من الاهل، ولا هذا القلب الكبير.. تطلق آهاتك الحارقة في الفضاء الذين يحيط بك وتقول: من لا يريد لهذه الامة سلطانا فهو كافر وملحد بما في قلوب ابنائها.. أعطاني البائع الاشيب بقية النقود وكيلو عنب وقال: الله يبارك لك، صحة وعافية.. وواصل ينادي على عنبه.. أما الاشيب الآخر الذي لا يزال يكنس كل صباح أعقاب سجائر المارة أمام دكانه فقد رد تحية الصباح وأردف قائلا: الله يوفقك.. وأنا لا أعرفه ولم أقابله من قبل، ولم أشتر منه شيئا، سوى اني ألقيت عليه تحية الصباح..

Email