بيرنز.. بيريز! ـ بقلم: خالد محمد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 20 شعبان 1423 هـ الموافق 26 أكتوبر 2002 عودة الروح ومحاولة إنعاش عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لن تكون ذات جدوى ما دامت أميركا لم تقتنع بعملية «الحياد» بين الطرفين. الجهود الأميركية «مخيبة للآمال» كما عهدناها سابقاً. أميركا تهدف من تحريك عملية السلام بعد عودة شارون من واشنطن إلى عدم «الشوشرة» عليها في حربها المقبلة ضد العراق. واشنطن تريد «تهدئة الأوضاع» على جميع الجبهات لتحشد مزيداً من «الدعم» الدولي والذي لا يزال يعارضها وبكل قوة وخاصة في مجلس الأمن. إسرائيل لن تستطيع الصبر على ما يطلب منها إلا من خلال إلهاء المنطقة بما يسمى بـ «خطة الطرق» التي يحملها مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز في حقيبته. المبعوث الأميركي بدأ جولة استكشاف، سوف يزور دولاً عديدة في الشرق الأوسط لاستيضاح المواقف «تجاه الحل» الذي سوف يستغرق ثلاث سنوات! الخطة الأميركية تضم ثلاث مراحل خلال ثلاث سنوات: ـ المرحلة الأولى حتى منتصف 2003، وتتضمن وضع حد للعمليات الهجومية وتنفيذ الاصلاحات في السلطة الفلسطينية، تجميد بناء المستوطنات وانسحاب القوات الاسرائيلية من مناطق «أ». ـ المرحلة الثانية حتى منتصف عام 2004، انعقاد مؤتمر دولي واجراء مفاوضات بخصوص إقامة دولة فلسطينية وتفكيك المستوطنات. ـ المرحلة الثالثة بين عامي 2005 - 2006، مفاوضات حول اتفاق الحل الدائم بمشاركة دول عربية (مصر والأردن أساساً) والتطرق في هذه المرحلة إلى قضية القدس واللاجئين.. ما أكثر الخطط والمبعوثين الأميركيين؟! خطة ميتشيل وتفاهمات تينيت والتي قبل بها الطرف الفلسطيني ولم تقبل بها إسرائيل، أين هي وكيف انتهت؟!.. دفنتها إسرائيل وداست عليها بالدبابات والبلدوزرات ودكتها بالصواريخ وطائرات الـ إف 16!!؟ لو أن الموقف «المتطرف» والقوي الذي تتخذه الادارة الأميركية حيال العراق و«الإصرار» على ضرورة صدور قرار يعجبها «ولا يعجب حلفاءها».. لو أن مثل هذا الموقف «المتصلب» اتخذته أميركا تجاه اسرائيل، لن تستطيع اسرائيل «ان تسبح ضد التيار» وتصر على عدم تطبيق قرارات الشرعية الدولية منذ عام 67 وحتى الآن؟!! لو اتخذت الادارة الأميركية موقفاً أشد حزماً مع اسرائيل، هل بإمكانها نسف اتفاقات السلام التي رعتها وأيدتها و«بَصَمَتْ» عليها في أوسلو؟! من هذا المنظور يجب أن ننظر إلى «خطة الطريق» التي يحملها مساعد وزير الخارجية الأميركي بيرنز.. تلك المبادرة التي سوف تلحق بسابقاتها، بسبب تعنت إسرائيل وتراخي أميركا معها، والكيل بمكيالين في المطالبة بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي!! إسرائيل وعلى لسان جميع من قابلهم بيرنز في جولته تقول كلاماً واحداً: لا للتعهدات، ولا للبرامج الزمنية، ولكن دعونا نبحث ما تحقق على أرض الواقع!! بيريز «ختيار» السياسة الاسرائيلية أبلغ بيرنز «إنه يجب وضع المواضيع الأمنية في سلم الأولويات، وعرفات لا يشبه نلسون مانديلا، وليس قائد حركة ثورية من النوع العملي الذي يمكن التقدم بواسطته الى الأمام». وأكد بيرنز أقوال بيريز التي تحدث فيها عن الأمن بعد لقائه قيادات فلسطينية ليس من بينهم بالطبع عرفات، الذي ترفض أميركا الاعتراف «بشرعيته» وتضرب عليه طوقاً من العزلة تنفيذاً لحكم أصدره «القاضي» شارون، حيث اعتبر بيرنز الأمن أولويته الأولى مثل بيريز حين طالب الفلسطينيين بالتصدي لما أسماه الارهاب والجماعات المسلحة قبل الانتقال إلى الأفق السياسي. بيرنز يحمل «خريطة الطرق» وبيريز يسد كل الطرق!! والفارق بين بيرنز وبيريز «نقطة واحدة» وإذا ما وضعت في مكانها الصحيح فلن يكون هناك فارق بين الاثنين وسوف تتطابق المواقف!! khalid@albayan.co.ae

Email