أبجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 19 شعبان 1423 هـ الموافق 25 أكتوبر 2002 العقيد معمر القذافي يمم وجهه شطر القارة الافريقية، وانشأ وزارة للوحدة الافريقية، وجعل زياراته واتصالاته على قدم وساق مع الاخوة سكان القارة السمراء، معلناً براءته من العرب ويأسه من تحقيق اي نوع من انواع الوحدة بينهم، والبارحة تقدمت ليبيا رسمياً بطلب الانسحاب من جامعة الدول العربية! فهل ما يفعله صحيح ومنطقي؟ واذا آمنا نحن مواطني العالم العربي البالغ تعدادنا ما يقارب الـ 300 مليون انسان، بفشل الانظمة العربية في تحقيق الوحدة العربية بأي مستوى من مستوياتها، وفي تحقيق الرخاء الاجتماعي، والاكتفاء الذاتي، والقوة العسكرية، وفي ايصال الوطن والمواطن لدرجات معقولة من التقدم الصناعي والعلمي والتقني، وفي اثبات اي تفوق او انتصار نوعي على العدو الاول للعالم العربي وهو (اسرائيل) طيلة 50 سنة من الحروب والمفاوضات، اذا آمنا بذلك وغيره، واذا سلمنا به، أتكون النتيجة المنطقية لهذا الايمان أن نوافق على السلوك السياسي بشأن الانسحاب من الجامعة العربية؟ وعليه يصبح من حق أي نظام عربي آخر يحمل بذرة اليأس او التمرد ان ينسحب من (بيت العرب) الرمزي على الاقل، وهنا نحن لا نبكي على الجامعة العربية فحالها لا يسر أحداً، لكننا نبحث عن حل ونتساءل هل هذا الحل هو ذلك الذي اختاره الرئيس القذافي فعلاً؟ هل هذا يعني بان منظومة الخليج عليها ان تيمم وجهها هي الأخرى صوب جهة اخرى ترتجي منها الخير والقوة كالصين مثلاً او مجموعة شرق آسيا، ودول الشام تتجه نحو فرنسا او اوروبا (كما فعلت تركيا الضائعة بين هويتها وأطماعها)؟ ان ما اعلنته ليبيا بالامس بطلب الانسحاب من جامعة الدول العربية رسميا لن يمر مرور الكرام، وهو ليس بالحدث العابر؟ انه سلوك سياسي ذو دلالة كبيرة، وحدث سياسي يضع العرب كنظام سياسي اقليمي أمام تحديات خطيرة تصب في مجمل التحديات الكبرى التي يعانيها ويواجهها يومياً! مطلوب من النظام العربي الرسمي بجميع دوله أن يبادر باتجاه البحث عن مخرج، والمخرج ليس باقناع القذافي بالعودة عن قراره، ولا بالزيارة السريعة التي قام بها أمين عام الجامعة السيد عمرو موسى لليبيا لاصلاح ما يمكن اصلاحه، ذلك ان المشكلة ليست في ليبيا أو العراق أو غيرهما من دول النظام العربي، المشكلة لها جذور ضاربة في اعماق أرضية النظام وما لم يتم تنقية الارض واصلاحها وما لم تقتلع كل الاشجار والنباتات السامة والضارة والمتعفنة، وما لم ينق المناخ والهواء من كل الفساد والتلوث الذي يملؤه، فإن اي انسحاب لاي دولة عربية من الجامعة او اقناعها بالعودة لن يكون ذا جدوى او فائدة لا للجامعة ولا للعالم العربي ولا للمواطن العربي. ربما كان الرئيس القذافي ـ اتفقنا او اختلفنا معه ـ قد فعل ما فعل ليدق الجرس بأعلى صوته، لايقاظ النائمين في قاعات الجامعة، وربما قد فعل ذلك ليكشف عن حقيقة توجهات جديدة ومغايرة لبعض الانظمة العربية ما عادت تتوافق مع مقولات الوحدة العربية، والدم العربي، والتاريخ المشترك و...الخ، وهنا فنحن إذن أمام مفترق تاريخي علينا ان نعيه جيداً.

Email