ابجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 عندما سئل كاتب جريدة الأخبار أحمد رجب عن مدى صحة الارقام التي يدلى بها وزير النفط حول الاستكشافات الاخيرة في حقول النفط المصرية اجاب في زاويته اليومية (نصف كلمة) بأنه لا يستطيع ان يؤكد شيئاً بخصوصها لانه تعود عندما يسمع تصريحاً من مسئول مباشرة ووجهاً لوجه فإنه يخرج مصحفا من جيبه ويقول له: احلف!! تعليق ساخر وحاد جداً، وكعادته يلخص أحمد رجب تنظيرات الكتاب وأهل السياسة في نصف كلمة ينطبق عليها المثل (خير الكلام ما قل ودل). لكن ما حكاية المصحف واليمين التي يطالب بها أحمد رجب المسئولين بعد كل تصريح يصرحون به، بلا شك فإن اكثر المسئولين العرب يحتاجون على ما يبدو لان يطالبوا بالشيء نفسه حتى يثق المواطن العربي فيما يسمع وحتى لا يتحمل وزر ما يقال!! وعلى امتداد عالمنا العربي هناك آلاف الوزراء والمسئولين الذين ملأوا الارض والفضاء بالتصريحات الرنانة ابتداء من اننا سنلقي اسرائيل في البحر ذات يوم مضى ففوجئنا بأنها ألقتنا في غيابات جب الهزائم والاحباطات ! ومع ذلك مازالت التصريحات قائمة على قدم وساق، حول الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، والعفو عن المعارضين السياسيين، وتوفير الخبز والسكن والتعليم والوظيفة لكل مواطن عربي، والاهم تحقيق الكرامة والعزة للشعب العربي، فإذا هذا الشعب بلا كرامة وبلا عزة وبلا خبز وبلا... ومع ذلك فالتصريحات مستمرة! متى سيصوم المسئولون العرب عن عادة التصريحات الفضفاضة جداً؟ متى سيتعلمون ان تكون كلماتهم ووعودهم على قدر استطاعتهم وامكانياتهم وطموحاتهم؟ متى سيعون حقيقة ان الوعود لا تنسى وأن الذاكرة العربية ليست مثقوبة لكنها ذات قدرة هائلة على الاحتمال وأن اي وعد محفوظ وموجود ومطالبه لم تسقط بعد؟ عندما وقف منذ عدة أيام السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني يهدد بضرب مصالح اسرائيل مباشرة وخلال دقائق اذا فكرت في تنفيذ تهديدها بشأن الهجوم على مشروع مضخات نهر الوزاني في الجنوب اللبناني، تذكرت مقولة (أحمد رجب) مباشرة لكنني تذكرت ايضاً بأن أهل الجنوب هم الذين وعدوا باخراج اسرائيل من أراضيهم مهما طال الزمن وبالفعل اخرجوهم بعد اكثر من 20 عاماً من الصراع والحروب والدمار، فأيقنت بأنه مازال هناك بصيص امل في العالم العربي يأتي من جنوب لبنان ومن اماكن اخرى، لكننا مطالبون بانه نخرج المصاحف لواشنطن لكي (تحلف) على صحة ادعاءاتها بأن هذه الجهات ليست سوى منظمات ارهابية، وحتى وان فعلت فمن سيصدق واشنطن هذه المرة؟

Email