تراثيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 13 شعبان 1423 هـ الموافق 19 أكتوبر 2002 يحكى أن هند ابنة النعمان كانت أحسن أهل زمانها فوصف للحجاج حسنها فأنفذ إليها يخطبها وبذل لها مالا جزيلا وتزوج بها، وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم، ودخل بها ثم إنها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة، وكانت هند فصيحة أديبة فأقام بها الحجاج بالمعرة مدة طويلة، ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله، ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول: وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإن ولدت فحلا فلله درها وإن ولدت بغلا فجاء به البغل فانصرف الحجاج راجعاً ولم يدخل عليها، ولم تكن علمت به. فأراد الحجاج طلاقها فأنفذ إليها عبدالله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم، وهي التي كانت لها عليه. وقال: يا ابن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما. فدخل عبدالله بن طاهر عليها فقال لها: يقول لك أبومحمد الحجاج: كنت فبنت وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله. فقالت: اعلم يا ابن طاهر، إنا والله كنا فما حمدنا، وبنا، فما ندمنا، وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها، بشارة لك بخلاصي. ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها، فأرسل إليها يخطبها فلم يمكنها المخالفة، فكتبت إليه بعد الثناء عليه: يا أمير المؤمنين والله لا أحل العقد إلا بشرط فإن قلت ما هو الشرط قلت أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها، ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً، فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب ضحك ضحكاً شديداً، وأنفذ إلى الحجاج وأمره بذلك، فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب، وامتثل الأمر ولم يخالف، وأنفذ إلى هند يأمرها بالتجهيز، فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرة بلد هند فركبت هند في محمل الزفاف، وركب حولها جواريها وخدمها، وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده ويشير بها، فجعلت هند تتواغد عليه، وتضحك مع الهيفاء دايتها، ثم إنها قالت للهيفاء: يا داية اكشفي لي طرفي المحمل فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن قربت من بلد الخليفة. فرمت بدينار على الأرض، ونادت: يا جمال انه قد سقط منا درهم فارفعه إلينا، فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا ديناراً، فقال: إنما هو دينار، فقالت: بل هو درهم، قال: بل دينار، فقالت: الحمد لله سقط منا درهم، فعوضنا الله ديناراً، فخجل الحجاج وسكت. أبوصخر

Email