كل صباح ـ ذات الجذور العربية ـ تكتبها: فضيلة المعيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 12 شعبان 1423 هـ الموافق 18 أكتوبر 2002 رسالة الكترونية حملها البريد من سيدة كندية ذات جذور عربية تزور البلاد هذه الأيام للمرة الاولى.. تقول السيدة واسمها صبحية اعيش في كندا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، لم أزر خلالها أيا من البلدان العربية حتى هذه المرة التي قررت فيها وزوجي وقد اصبحنا جدين زيارة دولة الامارات التي لطالما سمعنا عنها وعن مدنها الجميلة والنظيفة وأهلها الطيبين. ولكن ـ والحديث للسيدة الزائرة ـ ليس من رأى كمن سمع، فما رأيته يفوق الوصف، شوارع وطرقات عصرية، نظام مروري لا يختلف عما اعتدته في الغرب المعروف بالمحافظة على النظام والتقيد بتعاليم المرور عكس ما نسمعه عن دول كثيرة لا يقيم الناس فيها للوائح المرور اي وزن، عمارات جميلة، مراكز تجارية حديثة وغيرها. بل ان اكثر ما لفت نظري وانا اتجول في الاسواق الشعبية في امارتي دبي والشارقة تحديداً هو الزحام الشديد وواجهات المحلات التي ازدانت بأنواع وأشكال من الحلوى والمكسرات يقبل الناس على شرائها. سألت مرافقي عما يجري فأخبرنا انها طقوس يحرص الاهالي هنا عليها واكتسب المقيمون من الوافدين وغيرهم عنهم هذه العادة وهي ما تختص به ليلة منتصف شهر شعبان يطلقون عليها «حق الليلة» تسبق احتفالات الناس بقرب مقدم شهر رمضان المبارك. والواقع ـ والكلام لا يزال للسيدة الكندية ـ افتقد هذه العادات كثيراً حتى اصبحت منسية بالنسبة لنا في بلاد المهجر التي اتخذناها اوطاناً، لكني احسد من يعيش في وطنه ويمارس الطقوس التي ألفها الآباء والاجداد ولا يزال حريصاً عليها احتفاء بالمناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة لا يشعر بقيمتها حقاً، الا اولئك الذين لم يتبق لهم سوى ذكريات هذه المناسبات. لقد اغرورقت عيناي وانا استعيد تلك الأيام في ضيعتنا الصغيرة وبيتنا الجميل الذي افتقده كثيراً، وأراه قصراً وانا بعيدة عنه اتمنى العودة اليه.. الجميل في كل الذي رأيته وشعرته هو تلك الاصالة الراسخة في نفوس الناس لم تتمكن المدنية من محوها او القضاء عليها لأنها عادات تعيش في الناس وهي جزء منهم. انها مشاهدات جميلة، لم افوت فرصة التقاطها بالكاميرا، وقررت باصرار نقلها الى الناس فاخترت صحيفة «البيان» لتقوم بذلك. ذلك هو نص الرسالة اضعه بين يدي القراء تنفيذاً لرغبة صبحية التي نتمنى لها اقامة طيبة في ربوع بلادنا وتشعر بمتعة ما نحس به في هذه الايام المباركة.

Email