شكراً دكتور البوز ! ـ بقلم: محمود السعدني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 10 شعبان 1423 هـ الموافق 16 أكتوبر 2002 الدكتور محمود البوز كبير أطباء العظام بمستشفى الصباح في الكويت، وصاحب مدرسة طب العظام بالكويت التي انتشر أبناؤها في أنحاء الخليج بالبحرين والامارات وغيرها من دول الخليج. وأذكر في يوم من الأيام في السبعينيات أنني شعرت بآلام في ذراعي اليسرى، واشتدت الآلام الى درجة أنني لا أستطيع حمل أي شئ عن طريق ذراعي اليسرى حتى الجريدة اليومية، وعندما اشتدت آلامي وكنت أقيم وقتئذ بالعراق، ذهبت وعرضت نفسي على طبيب عراقي بشارع العاشر من رمضان.. ولما رأى الطبيب ذراعي، وعرف مدى ألمي نصحني بعمل أشعة على المخ. وانتابتني الأحزان كلها، لأن معنى ذلك أنني مريض بالمخ وأيامي على الأرض معدودة، واعتكفت في منزلي أياما وكنا في نهاية فصل الشتاء فلما أقبل الربيع نهضت من جديد وسافرت في رحلة سريعة الى الكويت، وفي الكويت عاودني المرض وعاودتني الآلام، فذهبت الى مستشفى الصباح وعرضت نفسي على الدكتور البوز، وفحصني الرجل باهتمام ثم قال لي إذهب الى المعمل واعمل صورة أشعة على الرقبة، سألته الرقبة أم المخ، قال مؤكدا الرقبة. وقمت بتصوير الرقبة وما أن ألقى نظرة على صورة الأشعة، قال على الفور الفقرة الرابعة والخامسة. سألته وما الحل؟ قال تحتاج لتدليك الفقرات، وستجد نتيجة طيبة بعد أسبوع، إطمأن قلبي فأنهيت أشغالي وركبت السيارة وعدت الى بغداد، وكان الجو قد بدأ يعتدل، فزالت آلامي ونسيت أمر ذراعي ومتاعبه. وفي شهر يوليو غادرت بغداد الى لندن. وفيها شعرت بآلام ذراعي وألم رقبتي. فعرضت نفسي على الدكتور العالمي بروكسي، فنظر في صورة الأشعة القديمة، وحكيت له أن الطبيب العراقي نصحني بعمل أشعة على المخ، وعرضت نفسي على الدكتور البوز فنصحني بعمل أشعة على الرقبة. ونظر الدكتور العالمي بروكسي نحوي وقال: ما قرره الدكتور البوز هو عين الصواب، هل رأيته؟ قلت نعم. سألني كيف حاله؟ قلت في أحسن حال، إنه طبيب عظيم.. قالها الدكتور بروكسي، فقلت له مؤكدا.. إنه بالفعل طبيب عظيم، الدكتور محمود البوز الذي أنهى عمله بمستشفى الصباح بالكويت وتقاعد وعاد الى القاهرة.. أرسلت له صديقا وطلبت منه أن يتفضل بزيارتي في نادي الصحفيين بالجيزة.. وفي يوم الاثنين الماضي فوجئت بزيارة الدكتور البوز في النادي، جاء بصحبة الصديق الدكتور طلعت اسكندر وقضى الدكتور البوز السهرة معنا، ثم أخذني ودخل مكتبا، وكشف على ركبتي، ولشدة دهشتي.. قال لا يوجد أي مرض في ركبتك. ركبتك سليمة، ولا تحتاج الى عملية أو الى حقن أو الى حبة دواء، لا تحتاج الى شئ على الاطلاق، ولكنك في أشد الحاجة الى ممارسة رياضة يومية، ليس بالضرورة أن تكون رياضة عنيفة، بل يكفي أن تبدأ برياضة المشي عشر دقائق فقط في اليوم، ثم عشرين دقيقة بعد ذلك، وتكون ربع ساعة كل يوم في آخر الأمر. وانتابتني دهشة كبيرة، فالطبيب في لندن قال ركبتك في حاجة الى تدخل جراحي، والطبيب الألماني الذي أرسلت اليه التقرير، قال احضر وسنقوم بكل شئ عن طريق المنظار. قلت ذلك للدكتور البوز، فقال.. ركبتك ليست في حاجة الى علاج أو جراحة، ولن يشفيك دواء تأخذه بالفم، أو جراحة تتم عن طريق المناظير. كل ما هنالك أن جميع عضلاتك خيم عليها الاهمال، المطلوب تحريك عضلاتك واعادتها للحياة، تذكرت ما قالته لي الدكتورة هالة بعد أن فحصتني، وكنت لم أصل الى الحالة السيئة التي وصلت اليها الآن. قالت لي في أول زيارة أنت تريد مني أن أعالج ركبتيك؟ أجبتها.. نعم أرجوكي.. قالت حتى لو حدث هذا فلن تستطيع المشي. سألتها وإيه المانع؟ قالت المانع أن كل عضلاتك معطوبة وتحتاج الى علاج. يا سبحان الله، لدينا أطباء عظماء هم بالتأكيد مختلفون عن أطباء غيرنا من البشر. أوروبا وأميركا عندهم أجهزة وأطباء، ولكننا نحن لدينا أطباء بلا أجهزة. كان لدينا أطباء مثل أنور المفتي، والدكتور ياسين عبدالغفار، ولدينا الدكتور أحمد شفيق الآن والدكتور اسماعيل سلام في الجراحة والدكتور مازن نجا في الكبد، والدكتور ابراهيم بدران، وأستطيع أن أذكر مائة اسم لولا كبر السن وضعف الذاكرة. ولكن بعضنا كما يقول أحد أصدقائي لديه عقدة الخواجة، ولديه استعداد لدفع ألوف الدولارات لكي يعالجه طبيب انجليزي أو فرنسي أو الماني، ويا سلام لو كان الطبيب أميركاني. وأعود أسأل نفسي. لماذا نترك الدكتور البوز في بيته، مع أنه يستطيع أن يدير مستشفى كبيراً لعلاج العظام، ويستطيع تخريج عشرات الأطباء في أمراض وجراحة العظام. وأنا رأيته يوم الاثنين الماضي، لم يتغير عن أول مرة رأيته في بداية السبعينيات. ألف شكر يا عمنا الدكتور البوز، انتقلت من مصر الجديدة الى الجيزة لتكشف على ركبتي المريضة، وأنا أشكر لك فضلك، ومقدر جميلك ولن أنساه.

Email