إلى اللقاء ـ سيناريو متخيل لعمل المفتشين! ـ بقلم: عماد الدين حسين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 يبدو ـ والله اعلم ـ وطبقاً للشواهد الراهنة ان العدوان الاميركي على العراق ثم كل المنطقة آتٍ لا ريب فيه، فبينما ينشغل الكبار في مجلس الامن بالجدل حول ضرورة وجود قرار او قرارين، وينشغل الصغار. بمجرد الفرجة على الامر وكأنه فيلم سينمائي من الخيال العلمي يدور في كوكب آخر، رغم ذلك تستمر واشنطن في ارسال المزيد من السلاح والعتاد والجنود للمنطقة. لذلك واذا حدثت معجزة ووافقت اميركا على ارسال المفتشين للعراق فإن الامر لن يخرج عن كونه مجرد تأجيل للضربة لا أكثر.. لماذا؟ لأن واشنطن أعلنت بوضوح ان المسألة لا تتعلق بالبحث عن اسلحة دمار شامل او حتى ازاحة القيادة العراقية، كما كان بعض السذج يعتقدون، الامر ببساطة هي انها تريد السيطرة على العراق وثرواته كمدخل للسيطرة الفعلية والكاملة على كل المنطقة كجزء من لعبة الشطرنج الدولية الكبرى كما شرح ذلك ببراعة محمد حسنين هيكل. أغلب الظن انه اذا حدثت المعجزة وعاد المفتشون للعراق فإن الامر سيتحول إلى تكرار عصري لقصة الثعلب والحمل وتعكير المياه. ولن نحتاج لخيال كبير لنعرف كيف سيمارس المفتشون عملهم طبقاً لما سربته واشنطن من بنود وشروط تعجيزية في القرار الذي طرحته على مجلس الامن. تريد واشنطن فرض حظر جوي وبري على أي منطقة عراقية تريد التفتيش فيها، وان تستجوب من تريد في اي ساعة تريد وفي اي مكان تريد، بل وأن تأخذ من تريد خارج العراق. وهكذا يمكننا تخيل أن فريق تفتيشها سيطلب دخول احد قصور الرئاسة العراقية، واذا وافق العراقيون طبقاً لما قالوه مؤخراً، فلن يجد الاميركيون شيئاً. هل سينتهي الامر عند هذا الحد؟ بالطبع لا، ولن نستغرب اذا أصر المفتشون على دخول غرفة نوم الرئيس العراقي نفسه، وبالطبع لن يجدوا شيئاً هناك، لكننا لن نستغرب أخيراً اذا قام هؤلاء المفتشون بوضع أي مادة محظور دولياً في اي موقع عراقي حتى لو كان قصر الرئاسة على غرار ما نشاهده في بعض الافلام البوليسية عندما يعجز ضابط المباحث عن وجود دليل ضد احد المشتبهين فيضع قطعة من المخدرات اسفل المائدة، وقد لا نستغرب ايضاً قيام هؤلاء المفتشين بتمزيق الاثاث و«مراتب القطن» في غرف النوم بحثاً عن أسلحة الدمار الشامل!! وقتها لن يستطيع العراق منعهم لانه وافق بالفعل على تلبية كافة شروطهم، لكن استمرار المفتشين في استفزاز العراقيين بصورة خارجة عن المألوف لن تجعل اي عراقي المعروف «بدمائه الساخنة» قادراً على التمسك بأعصابه هادئة. وهكذا قد يتكرر سيناريو المروحة الذي قاد لاحتلال الجزائر 130 عاماً او حادث «حمار المالطي» الذي قاد لاحتلال مصر 70 عاماً، مسألة المفتشين باختصار هي مجرد «تلكيك» لا أكثر لاحتلال العراق سلماً بدلاً من ضربه عسكرياً، اي توفير ذخائر وأسلحة للقوات الغازية. ما الحل؟ المأساة اننا كعرب نتعامل مع الامر وكأنه يخص أقواماً في كواكب اخرى وليس صميم حاضرنا ومستقبلنا. وبالتالي فالكارثة قادمة ما لم تحدث معجزة ويفيق العرب من نومهم الطويل ليقولوا لواشنطن اننا لسنا حجراً جامداً يجري تحريكه على طاولات شطرنج البيت الابيض والبنتاغون وتل أبيب، واذا كان رأيهم اننا فعلاً كعرب مجرد أحجار، فلنكن أحجاراً فلسطينية وليس أحجاراً شطرنجية!!

Email