كل صباح ـ رئيس التحرير ـ تكتبها: فضيلة المعيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 كلما يشاهد المرء الإذاعي اللامع حمدي قنديل في برنامجه الجريء «رئيس التحرير» الذي يحظى بجماهيرية طاغية ويتمتع بشعبية واسعة يشعر بالغصة والحسرة على حال 99% من مذيعي ومذيعات الفضائيات العربية بما فيها محطات التلفزة لدينا ويتساءل أين هؤلاء المذيعون من ذلك الجيل الذي كل شيء فيه كان عملاقاً بمعنى الكلمة ومخلصاً لمهنته متفانياً في أدائه بإتقان. جيل من الاذاعيين احترامه للمشاهد نابع من احترامه لذاته بالدرجة الأولى وحرصه على تقديم النافع المفيد، إنما مرده تقديره لعقلية من يتابعه والذي ينتظر بدوره موعد اذاعة برنامجه بفارغ الصبر ليقينه بأن المدة الزمنية التي يقضيها في مشاهدة البرنامج لا بد وأن تعود عليه بالنفع وتثري معلوماته وتضيف الى خلفية ما لديه ثروة معلوماتية مهمة. وهذا هو الحال مع «رئيس التحرير» فهو ليس كغيره من مذيعي هذه الأيام يدخل الاستوديو لقراءة أسطر كتبها المعد أو عبارات وجمل استقاها من مطبوعة هنا أو هناك يقرأها خلال إذاعة البرنامج تتخللها أغان اشكال والوان، كما انه ليس من أولئك المذيعين الذين يعتمدون على المكالمات الهوائية يبث خلالها المشاهدون والمشاهدات لواعج الحب والاعجاب ويشكرونه على هذا البرنامج الناجح. وهي العبارة الموحدة المكررة التي أصبحت مقدمة أو مدخلاً لساعات من الهزل التي تنثر في الهواء هباءً دون معنى. بل هو رئيس تحرير فعلي للمادة التي يقدمها، والتي هي حصيلة أكثر من 3000 مطبوعة يطالعها أسبوعياً تكون بمثابة مسودة ينتقي منها في النهاية ما يستحق أن يرد في حلقته الاسبوعية بعد قراءة متأنية بالطبع، وحتى الضيوف الذين يستضيفهم في حواراته غير التقليدية ليسوا كغيرهم ممن امتهنوا الظهور على كل الشاشات وفي مختلف البرامج حتى اصبحوا كرؤوس البصل تجدها في كل مطبخ. احترام لا يقتصر على المضمون الجيد والمحتوى المتكامل بل حتى المظهر مع «رئيس التحرير» ممتاز حال المخبر فلا يطل علينا بلباس الرياضة مثلاً فلا سلاسل ذهبية تملأ معصميه ولا حتى عقود خيطية تزين عنقه، ولا يظهر علينا كل يوم بـ «look» جديد كي لا يمل المشاهد حسب مزاعم مذيعي هذه الألفية ولا يجلس جلساتهم التي لا يجلسها المرء حتى بين رفاقه، حين يكاد حذاء الواحد منهم يدخل في عيني المشاهد أو تقطم رقبته.. لأنه ببساطة كبير وأستاذ. وللإنصاف وحتى لا نبخس الآخرين حقوقهم فإن قنواتنا المحلية تضم عدداً من المذيعين المواطنين الشباب الذين نأمل فيهم خيراً، مثل جابر عبيد في قناة أبوظبي، وحمد ناصر وماجد محسن في دبي الفضائية ومجموعة طيبة في فضائية الشارقة التي تألف على شاشتها الغترة والدشداشة أكثر من غيرها.

Email