بدون عنوان ـ تكتبها: مريم عبدالله النعيمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 7 شعبان 1423 هـ الموافق 13 أكتوبر 2002 أشرنا البارحة الى خطورة استمرار النزاع في الفرعيات على حساب الامور الاكثر اهمية، والتي يجب ان توظف لها جهود الحريصين على التعرف على النص الشرعي، والاخذ به، وتقديمه للناس ليعملوا به كثمرة لجهودهم المتواصلة في خدمة النص الشرعي. ومن اللافت ان بعض المنتسبين للعلم شنوا هجوماً على مخالفيهم في الرأي فيما يختص بمسألة غطاء الوجه على نحو خيل للمتابعين، ومن تناهت اليهم اخبار الاخذ والرد في هذا الموضوع وكأنه لم يعد للمرأة قضية يمكن توجيه الجهود اليها الا هذه الجزئية التي قتلت بحثا ومراجعة!! وكان الاحرى بأتباع هاتين المدرستين ان يعلموا ان حصر الجهود في هذا الاطار الضيق ليس هو السبيل الامثل لتطوير اداء المرأة المسلمة، ودفعها للقيام بمهامها على الصورة المرجوة، كما انه ليس الاسلوب الصحيح الذي يمكن من خلاله اخراج المرأة المسلمة من النفق الضيق الذي وصلت اليه بسبب عوامل التعرية الفكرية التي نحتت في عقل المرأة وروحها وصيرتها هيكلا فارغاً من المضمون!!. خاصة وانه ما من افراط في جانب الا ويقابله تفريط في الجانب الآخر، وما من تضخيم لإحدى الجزئيات الا ويصاحبه تقصير في نواحٍ اخرى كان من الاولى الالتفات اليها. فالتكامل بين المظهر والمخبر، والشكل والجوهر هو القضية الكبرى التي ينبغي ان توظف لها الجهود، وتخصص لها المساحات الواسعة على شبكات الانترنت، ومن خلال الكتب والمجلات، والصحف، وبرامج التلفاز والاذاعة وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة. والواقع يشهد ان هناك خللاً في فهم العلاقة التكاملية بين اللباس وصاحبته التي ترتديه. فكم رأينا مع الاسف الشديد من تجتهد في ارتداء الملابس المحتشمة، وتحافظ على هيئتها الخارجية وفق المطلب الشرعي، الا ان السلوك كان احيانا يعكس رعونة او تهاونا عن استكمال بقية العناصر التي بها لا بسواها تصبح المرأة نموذجاً متقدما للجمع بين الاصالة والمعاصرة، وبين الحفاظ على الهوية والقدرة على استيعاب لغة العصر وقبول تحدياته بروح لا تنقصها الثقة بالنفس، او الايمان بمكتسباتها العقيدية والثقافية التي صاغت شخصيتها، وهذبت مشاعرها، واكتسبت من خلالها نظرتها الخاصة التي تزن بها الافكار والاتجاهات من حولها. والثابت ان حاجة المجتمع اليوم الى نماذج نسائية قادرة على قراءة الواقع قراءة عصرية، وتشخيص مواطن الخلل به، وتحديد طبيعة العلاج وفق رؤية شرعية واضحة تستهدف اولويات البناء، وتستوعب حاجات مرحلة النهوض من حالة الانبهار بالاشياء الى حالة اليقظة، وإعادة تصحيح المسار، هو امر في حكم الضرورة لا النافلة. فقد ضج المجتمع من النماذج الركيكة المعلبة التي لجأت الى التسلق في زمن الغفلة والسبات، ووثبت على مختلف وسائل الاتصال تقدم نفسها للناس على انها الشيء الجديد الذي يستحق التصفيق، واذا بها تتهاوى امام وهج الحقيقة وضوء الدليل، الذي بادر بتقديمه المثقفون من اصحاب المدرسة التجديدية في الفكر الاسلامي، الذين ازاحوا القناع عن ذلك الوجه الملون فبدا قبيحاً دميماً تتحاشاه الانظار، وتشيح عنه الوجوه. وقد استقبلت هذه الرسائل التحذيرية شريحة واسعة من الفتيات اللواتي قرأن الرواية الشاذة المعروضة للملأ بالمجان من آخرها، ووصلن الى الفقرة الاخيرة في حكاية الازياء والالوان، والموضة والصرعات الحديثة في قصات الشعر، وانواع الوشم، ووسائل التمويه والخداع في الشكل والمظهر، لجذب انظار الجنس الآخر. حيث وصلن الى قراءة هذه السطور التي بها اسدل الستار على المشهد البكائي في تلك الرواية السقيمة حيث جاء فيها ما يلي: «لقد خان الحظ العاثر الفتاة العصرية المدللة حين طار فارسها غير الهمام على حصانه الاعرج، وهوى، وهو يمد يده ليأخذ سواها على فرسه العاجز»!! لقد قرئت الرواية بصورة جيدة، وتم استيعاب الدرس على نحو فريد، والدليل تلك النماذج الرفيعة من الفتيات والسيدات اللواتي اخذن يشاركن في دفع عجلة التطور في المجتمع، دون ان تتعرض احداهن لتجربة واحدة ولو كان عمرها لحظة خاطفة من الزمن لسماع كلمة لا تحب سماعها من احد المجاذيب الذين زاد عددهم في هذا الوقت. لم يحدث ذلك على الاطلاق لمن عرفت الطريق الصحيح الذي يصل بها الى تحقيق ذاتها دون ان تسلك درب الابتذال او تقدم اي نوع من التنازلات عن قناعاتها الراسخة!!

Email