أبجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 4 شعبان 1423 هـ الموافق 10 أكتوبر 2002 العالم كله يجمع على أن اليهود يمتلكون او يسيطرون بشكل او بآخر على معظم وسائل الاعلام المتنفذة في عواصم صنع القرار العالمية، والكلام ليس تجديفا ضد الحقيقة، بل هو الحقيقة ذاتها، خاصة حينما يكون الحديث عن كبريات الصحف في الولايات المتحدة واستراليا وبريطانيا وغيرها، لكن حكومة «اسرائيل» تقول شيئا آخر تحاول ان تبدو به أنها ضحية ومضطهدة ومفترى عليها من جانب وسائل الاعلام. فصحف الدولة العبرية تتحدث عن انفجار كبير في العلاقات بين الحكومة «الاسرائيلية» وشبكات الصحافة الاجنبية، حيث ان ثلاثة طواقم اجنبية مهددة بالابعاد من «اسرائيل». سبب الانفجار حسب صحيفة (معاريف) «الاسرائيلية» وحسب تقرير نقل عن مكتب شارون نفسه يقول بأن الانفجار بيننا وبين الصحافة الأجنبية جاء بسبب انحيازها الأعمى، ان الصحفيين الاجانب موالون للعرب، ويخوضون ضدنا الحرب بواسطة تقارير كاذبة وضارة!! هناك تغيير في الموقف الأوروبي الشعبي من القضايا العربية وهذا أمر مؤكد وملموس لكل من يعيش ويتلامس مع الشعوب الأوروبية في شوارعها وبلداتها وفي الاسواق واماكن العمل والجامعات وفصول الدراسة، لكن هذا التغيير لم يأت بفضل العرب اصحاب القضايا، ولا بفضل (جهودهم الحثيثة) لشرح قضاياهم وكسب الرأي العام الاجنبي الى جانبهم، لقد جاء بفضل سياسات شارون الارهابية، وسياسات الادارة الأميركية المشجعة والمتسترة على الجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين، وجاء بفضل قداسة الدم الفلسطيني الطاهر الذي سال في جنبات المدن الفلسطينية شاهدا على ثبات شعب على حقوقه حتى الرمق الأخير والفلسطيني الاخير، ومشهداً التاريخ والعالم على اسطورة النازية الصهيونية في أجلى صورها. ان قراءة مقال «الانفجار الكبير» في صحيفة «معاريف» تظهر بشكل جلي الاستراتيجية المعروفة الراسخة في الذهنية الصهيونية حول صناعة المأساة وتقمصها واتهام الاخرين بالسعي لابادتهم وافنائهم، بينما هم «شعب الله المختار» بريئون من كل ذنب وبعيدون عن كل جرم، انهم ليسوا سوى اناس متحضرين راغبين في العيش بسلام، ومؤمنين بقيم الحضارة وحقوق الانسان والحرية، اما لماذا يكرههم الآخرون (والاخرون هم العرب تحديداً) فالصهاينة لا يعرفون جواباً على هذا السؤال المعضلة الذي يفسر سر تقارير الصحف الأجنبية (الكاذبة والضارة) ضدهم وسر العمليات الاستشهادية (التخريبية الانتحارية) ضدهم، وسر تكالب الشعوب العربية ضدهم!! انه ذات السؤال الذي تغرق فيه الولايات المتحدة الأميركية منذ مدة: لماذا يكرهوننا حد التفجيرات المرعبة والقتل بأبشع الوسائل كما في الحادي عشر من سبتمبر؟ ولا أحد بالتأكيد يكتب تقارير كاذبة وضارة ضد «اسرائيل» فكل ما يقال ويكتب ينقل على الهواء مباشرة دون تضليل، كما انه لا احد يكره الشعب الاميركي تحديداً من كل شعوب العالم، لكن أحداً في العالم لا يمكنه ان يحب الغطرسة ومبادئ القوة الخالية من كل قيم الحق والحرية والكرامة عندما يتعلق الأمر بالشعوب العربية والاسلامية، اما عندما يتعلق الأمر بأميركا واسرائيل تصبح حتى طائرات الأطفال الورقية مشاريع قتل وتدمير يجب ان يباد كل اطفال العرب بسببها. وتصبح النوايا عرائض اتهامات جاهزة بأحكام مختومة وصادرة من أعلى المحاكم سلطة في الولايات المتحدة.. انهم يجاهرون العالم بالكراهية والاستعلاء والابادة بدون سبب وبغير دليل سوى شهوة التدمير والسيطرة ثم يسألون بسذاجة مثيرة للاعصاب: لماذا يكرهوننا؟! تماما كتقرير مكتب شارون عن الصحافة الأجنبية الموالية للعرب.. وهذه بحد ذاتها مزحة من العيار الثقيل يجب ان لا تمر مرور الكرام فهي كالتهمة التي لا يجب انكارها ولا يجب تفويتها!!

Email