تراثيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 3 شعبان 1423 هـ الموافق 9 أكتوبر 2002 قال ابو الحسن: كان بالبصرة ممرور «شخص غلبت المرة وهاجت وهي من امزجة البدن» يقال له: عليان بن ابي مالك، وكانت العلماء تستنطقه لتسمع جوابه وكلامه، وكان راوية للشعر بصيرا بجيده. فذكر عند عبدالله بن ادريس صاحب الحديث قال: اخرجه الصبيان مرة حتى هجم علينا في الدار، فقال لي الخادم: هذا عليان قد هجم علينا، والصبيان في طلبه. فقلت: ادفع الباب في وجوه الصبيان، واخرج اليه طعاما وطبقا عليه رطب مشان ثريد وارغفة. فلما وضعه بين يديه حمد الله واثنى عليه، وقال: هذا من رحمة الله ـ واشار الى الطعام ـ كما ان اولئك من عذاب الله ـ واشار الى الصبيان ـ ثم جعل يأكل والصبيان يرجمون الباب، وهو يقول: «فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب» قال ابن ادريس: فلما انقضى طعامه قلت له: يا عليان، ما لك تروي الشعر ولا تقوله؟ قال: اني كالمسن اشحذ ولا اقطع. وكان بصيرا بالشعر. فقلت: أي بيت تقوله العرب أشعر؟ قال: البيت الذي لا يحجب عن القلب. قلت: مثل ماذا؟ قال: مثل قول جميل: الا أيها النوام ويحكم هبوا اسائلكم هل يقتل الرجل الحب؟ وحكي عن عبدالله بن ادريس قال: مررت به في مربعة كندة وهو جالس على رماد وبيده قطعة من جص، وهو يخط بها في الرماد، فقلت له: ما تصنع ها هنا يا بن ابي مالك؟ قال: ما كان يصنع صاحبنا قلت: ومن صاحبك؟ قال: مجنون بن عامر. قلت: وما كان يصنع؟ قال: اما سمعته يقول: عشية ما لي حيلة غير انني بلقط الحصى والخط في الدار مولع قلت: ما سمعته. فرفع رأسه الي متضاحكا، فقال: اما يقول الله عز وجل: «ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا» فأنت سمعته أو رأيته؟ هذا كلام من كلام العرب لا علم لك به. قلت: يا ابن ابي مالك، متى تقوم القيامة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، غير انه من مات فقد قامت قيامته. قلت له: فالمصلوب يعذب عذاب القبر؟ قال: ان حقت عليه كلمة العذاب يعذب، وما يدريك لعل جسده في عذاب من عذاب الله لا تدركه أبصارنا ولا أسماعنا، فان لله لطفا لا يدرك. قلت: فما تقول في الغناء؟ قال: قد غنى البراء بن عازب، وعبدالله بن رواحة، وسمع الغناء عبدالله بن عمر، وكان عبدالله بن جعفر. قلت له: ايش كان عبدالله بن جعفر؟ قال: انما سألتني عن الغناء ولم تسألني عن ضرب العيدان. أبو صخر

Email