قد يهللون ولكنهم سيقاومون في النهاية ـ بقلم: عبدالعزيز آل محمود

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 2 شعبان 1423 هـ الموافق 8 أكتوبر 2002 أسر لي صحفي بريطاني مرموق وصل من واشنطن، بأن جنرالات البنتاغون حذروه من استخدام نظام البث عن طريق الاقمار الصناعية من بغداد في حال شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق، لان الطائرات المهاجمة ستستهدف كل جهاز بث يستخدم موجات لاسلكية من نوع ما. قرع طبول الحرب أكد لي ايضا صحفي اميركي زار البلاد مؤخرا بانه كان في واشنطن وانه يكاد يسمع قرع طبول الحرب في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، فالجميع على اهبة الاستعداد ومتحمسون لشد الزناد وتلغيم المدافع، وانهى حديثه بقوله : ان الحرب قادمة لا محالة. صحفي اخر حدد موعد شن الهجوم ليكون في اواخر شهر ديسمبر او بدايات يناير، وانه لا بد ان يسافر الى دولة اوروبية حددها ليأخذ دوره في الحرب الكيماوية والجرثومية قبل التوجه الى بغداد لتغطية المعركة المقبلة، وهذا الاخير اضاف من المعلومات مالم يقم به من سبقوه، فقد ذكر ان وزارة الدفاع الاميركية حذرته من السكن في فندق الرشيد او التردد على وزارة الاعلام العراقية لاستخدام نظام الانترنت من هناك، لان وزارة الاعلام من الاهداف التي حددها مخططو الحرب في واشنطن، وطلبت منه وزارة الدفاع الاميركية الا ينسى ان يضع في حقيبته اللباس الواقي من الحرب الحرب الجرثومية والكيماوية وجهاز تحديد الموقع عن طريق الاقمار الصناعية GPS، والهاتف المرتبط بالقمر الصناعي المعروف بالثريا، وما استطاع من الدولارات التي قد تنفعه للهروب من بغداد وقت الحاجة، ثم ذكر لي خطة الاخلاء من بغداد في حالة الطوارئ التي يجب عليه ان ينسق مع القوات الاميركية في حالة الحاجة اليها ولكنه طلب مني عدم نشرها، وعندما سألته عن وسيلة ادخال كل تلك المعدات الى بغداد؟ قال ستتدبر !! وكأني فهمت من حديثه ان الدولارات ستقوم بالواجب. لست اشك بأن الولايات المتحدة ستهاجم بغداد، فهي قد سيطرت مؤخرا على قرارات مجلس الامن بكل وقاحة حتى ان الامين العام اصبح و كأنه موظف صغير في وزارة الخارجية الاميركية، وغدت خطب الرئيس بوش اوامر غير مكتوبه لموظفي الامم المتحدة لتنفيذها بدون نقاش، وفريق التفتيش ينتظر قرار البيت الابيض للتوجه الى بغداد لتقليب بلاط دورات المياه في قصور صدام، وحددت اعداد الجنود المطلوبين لحفظ الامن في العراق، ولم يبق سوى اصدار الامر. سيناريو مختلف من الصعوبة بمكان تحديد ردود افعال الشعوب، فقد وضع مخططو الحرب الاميركان سيناريو سهل جدا لضرب فيتنام، وكان الاعتقاد ان طائرات B52 ستقوم بالواجب لاخماد أي تمرد من الشيوعيين، وعندما وضع قرار الحرب على طاولة الرئيس الاميركي، وقعه بكل سهولة، ثم ذهب لتناول طعامه وكأن الامر لايعدو ان يكون عملية عسكرية صغيرة، ولكنها استمرت سنوات طوال ارهقت الميزانية الاميركية وأودت بحياة حوالي خمسين الف عسكري اميركي، بالاضافة الى انسحاب مخز سجله التاريخ وضرب الكبرياء العسكري الاميركي في الصميم. وفي حرب الخليج الثانية، حشد التحالف اكثر من نصف مليون عسكري وكميات هائلة من المعدات العسكرية المتطورة والحديثة لاخراج صدام، ولكن الانتصار كان سريعا وحاسما، حتى ان الكثير من الجنود دخلوا العاصمة الكويتية بدون ان يطلقوا رصاصة واحدة، والكثير من الدبابات لم تذق سبطانتها طعم البارود، فقد تم نقلها من معسكراتها في الغرب الاميركي لتستعرض في شوارع عاصمة تلك الدولة قبل عودتها، ولكن هذا الانتصار قد يكون الحالة الشاذة في المعارك المقبلة، فليس هناك سيناريو واضح لما قد يحدث حين تشن القوات الاميركية حربها مرة اخرى على صدام حسين، فهل سيقاتل الجيش العراقي ؟ قد يفعل، وقد يكون قتاله رائعا، حينها ستشعر اميركا وكأنها وضعت قدمها في مستنقع يصعب الخروج منه، ولكنه قد لايقاتل ايضا، حينها ستكون واشنطن بحاجة الى الكثير من القوات لادارة دولة شبه منهارة، ويقدر استراتيجيو الحرب ان اميركا بحاجة الى 7 آلاف و500 عسكري لادارة الدولة وحفظ النظام، وهذا العدد الكبير من الجنود بحاجة الى استبدال كل عدة اشهر، أي ان المطلوب هو اكثر من ضعف هذا العدد لادارة العراق في حال ان سار كل شئ على مايرام، ولكن هل يجب ان نتوقف هنا ؟ لقد بدأت الصواريخ تنطلق على القواعد الاميركية في افغانستان، مع ان الكثير من الافغان رحبوا بالقوات المنتصرة بادئ الامر، ووجدوا فيها مخلصا من نظام طالبان المغلق، إلا ان وجود قوات مسلحة على ارض اجنبية يثير اشمئزاز الناس، ويجعلهم يفكرون في عمل شيء لاخراجها، وقد بدأ الافغان يتململون ويوجهون صواريخهم باتجاه القواعد الاميركية، وقد يكون القادم اكثر سوءا من التراشق البسيط الحاصل الان، اما في الحالة العراقية فان القوات الاميركية ستتكبد من الخسائر الكثير، فالعراقيون ليسوا من النوع الذي يقبل الاحتلال. رئيس تحرير «الجزيرة نت» Qatar877@hotmail.com

Email