خواطر ـ الكاوبوي وتابعه قُفّة! ـ بقلم: صلاح عويس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 2 شعبان 1423 هـ الموافق 8 أكتوبر 2002 ان تجد الوقت الكافي لقراءة جميع كتبك المكدسة... هذه مشكلة، وان تجد الوقت لكي تعيد ترتيب مكتبتك وتنهي حالة الفوضى الضاربة في رفوفها... هذه مشكلة اخرى. ومع ذلك فان حالة الفوضى هذه تفاجئك احيانا بكتاب تكون قد وضعته مع كومة كتب اخرى حتى يحين وقت قراءتها والذي قد لا يحين لامد طويل. من هذه المفاجآت الفوضوية هذا الاسبوع كتاب صغير يختبيء بين تلك الكومة التي اشرت اليها.. ومددت اصابعي لالتقطه من مخبئه فإذا به ديوان صغير للشاعر المصري الكبير محمد التهامي عنوانه: «انا مسلم». واخذت اقلب صفحات الديوان التي حملت قصائد تشتمل على مناجاة الخالق عز وجل، او على لمحات من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، او المعاناة التي يواجهها المسلمون في مشارق الارض ومغاربها بما في ذلك شعب فلسطين المحتلة والمسجد الاقصى الجريح. واغلب الظن انه صدر عام 1977. وجذبتني قصيدة طويلة اختار لها الشاعر كلمة «تسابيح» عنواناً رئيسياً. وتحت عنوان فرعي آخر هو «الحروب» يتحدث الشاعر فيها عن «مشعلي الحروب» الذين يهددون الدنيا بالدمار، وعن ذلك «الفتوة» المستقوي الذي يزهو بسلاحه ويكشر عن أنيابه، وكأن التهامي يتحدث عما يجري اليوم من احداث، وعن «قبضايات» هذا الزمان وزعيمهم راعي البقر وتابعه الانجليزي «قُفة» مع الاعتذار للكاتب المسرحي الكبير الفريد فرج صاحب مسرحية «على جناح التبريزي وتابعه قفه» وارجو ان تقرأوا معي بعض ابيات تلك القصيدة على ضوء مجريات هذه الايام: فَتُعْساً للألَى شَغَلوا البَرايا بِفكر، كل ما يَجنْيِه مُر يُلَوحُ بالمهالِكِ ضَارياتٍ تَضِج لها النّفُوسُ وتَقْشَعِر فمنها، تُصْبحُ الدنيا جَحيماً وفيها النّاسُ والأقْواتُ جَمْرُ يُهَدمُها فلا تَبْقَى حياةٌ لغير مُشَوهٍ يُؤْويه جُحْرُ ويزَهو أَنْ يُطاوِعَهُ سِلاحٌ إِذَا دَوى فَكلُ الكَوْن قَبْرُ وَيفْخَرُ أنه أضْحى قدَيرا وهل في قُدْرَةِ التدْمير فَخْرُ؟ وَيسْقى الشر للإنسانِ صرْفاً فَيَنْبُتُ عنْدَهُ نَابٌ وظُفُرُ وينهشُ غَيَرَه نهشاً مَريراً كَمنْ أغْراهُ بالأَعداءِ ثأرُ وَقسمَهُمْ، ليُشْبِعَهمُ خِلافاً فبيضٌ بعضُهُم، والبَعْضُ حُمْرُ يُصادِمُ بعضُهم بعضاً جُزافاً كَعُمْي، خَلْفَهُم قَدْ هَاجَ ثَوْرُ

Email