بعد التحية ـ يكتبها: د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 2 شعبان 1423 هـ الموافق 8 أكتوبر 2002 في أي تجربة حياتية فوائد ومضار لأنها المدرسة الكبرى للانسان وان تخرج من أفضل المعاهد والكليات والجامعات، فتبقى تجربة الحياة فريدة وثرية لمن يستطيع ان يحسن التعامل معها وان دفع الضريبة غالية من وقته وعمره الثمين. اذا رأيت انسانا يعاود الكرة في الخطأ مع من لا تملأ الحسنة عينيه، وهو بانتظار التراب في اخر لحظة من عمره، ترى بماذا تنصحه أو توصيه؟! تقابل أشخاصا يبدون لك الطيبة بكل هدوء، فاذا كان موعد الانتقال ازاحوك من الطريق ورموك بعيدا بدون أي ضوضاء، فينصدم المليء بالسذاجة بهذه المواقف المخلة بالرجولة، لان من صفات الرجولة الحقة ان يواجه الانسان خصمه من الأمام، ان كان فعلا يعد نفسه في عداد الأقوياء، اما الدسيسة فلا تليق الا بأشباه الرجال من الذين يتزلفون اليك لغرض خسيس في نفسه، ما أن يتحقق حتى يرمي بالحسنات في سلة المهملات ولا يبالي. نقول دائما في الأمثال، افعل الخير وارمه في البحر، دليلا على عدم الاهتمام بمن تقدم له معروفا للمعروف ذاته كقيمة يحب البعض ان يتمثل بها بغض النظر ان كانت ناقصة أو ضارة مع المعني بالأمر. الا أننا لو عرفنا بأن هذا البحر يغرق صاحب الخير وينجي من لا يستحقه هل لنا أن نواصل الفعل الحسن مع اكتشافنا لسجاياه السيئة ولمصلحة من؟ قال لي احدهم فعل كذا وكذا لفلان لوجه الله كما نقول دائما الا ان ذلك لا اثر يظهر فيه، فكلما دخل مجلسا اغتابني وطعنني في شخصي بما لا يليق بمسالك الرجال، فهل اشكوه الى الله ام الى المحاكم لينال جزاء القانون فيه؟ ولقد فعلت ذلك قانونا مرارا وكلما وصل الحكم الى فم ذلك المسيء حثني القاضي على العفو عند المقدرة وقد تدخل اخرون لفض هذا الاشتباك المعنوي بيننا فأتراجع بلا تردد واقدم السماح على العقاب المؤكد، ترى أمخطئ أنا أم مصيب؟ اننا نطيل مدة الخير مع ضامر الشر فقط، لعله يرجع الى صوابه وتنكسر عيناه الا ان البعض لا يردعه الا صوت القانون المرتفع فوق كل الاصوات الاخرى، فكم من الحقوق ضاعت لاننا غلبتنا السماحة والطيبة مع من تتكرر منه الاساءة، وكم من النفوس امتلأت بالاحقاد والضغائن لان المقابل اشبه بحجر الصوان لا يخترقه الخير ولو كان قلب ذاك حجرا بالفعل فان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار واما هذا النوع فلا جدوى منه الا بسوط من العذاب.

Email