رأي البيان ـ أوروبا بلا عضلات!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 1 شعبان 1423 هـ الموافق 7 أكتوبر 2002 أوروبا.. لا يجمعها صوت واحد، والسبب أميركا. فهناك أوروبيون مع واشنطن «على طول الخط» وآخرون غير راضين عن السياسة الاميركية القائمة على استعراض العضلات أمام العالم بلا مبرر. وبين الموافقين والرافضين لهذه السياسة، هناك دول أوروبية تبدو وكأنها اختارت اسلوب «امساك العصا من الوسط» وإذا جرّبت أسلوب ابداء الرأي الصريح وكشفت عن معارضتها لأميركا، فإنها سرعان ما تتراجع ـ عندما تستشعر غضب الأميركيين ـ وتخفف من حدة موقفها بالتدريج، ثم تلتزم الصمت أو تطلق تصريحات غامضة لا تكشف عن حقيقة موقفها!! أوروبا كقارة.. أو الاتحاد الاوروبي.. كلاهما ليسا على موقف واحد بشأن المسألة العراقية. بريطانيا كما هو معروف مع الأميركيين، عندما حاول رئيس حكومتها الحديث عن موضوع آخر ولو الدعوة لاستئناف المفاوضات في الشرق الأوسط، تعرض للتوبيخ من جانب الرئيس الأميركي بوش، كما لمحت وسائل الإعلام الانجليزية. فلا صوت يعلو فوق صوت الحرب ضد العراق! هذا ما يريده بوش من حليفه بلير، وليس بلير وحده، هناك بيرلسكوني رئيس وزراء ايطاليا على الدرب نفسه. في حين ان ألمانيا ـ رسمياً وشعبياً ـ هي التي اتخذت الموقف الرافض الصريح بدون رتوش أو تجميل، فهي ترفض المشاركة في أي عمل عسكري ضد العراق. أما دولة مثل فرنسا، فهي تتحدث عن الشرعية الدولية وتؤكد على أهمية دور مجلس الأمن الدولي. والمثير ان أميركا بتحركاتها الحالية لا تبالي كما يبدو بالموقف الأوروبي برمته، والأكثر اثارة من ذلك ان الاوروبيين الرئيسيين يبدو وكأنهم سيرضخون في النهاية للموقف الأميركي مع العلم ان منهم من يملك حق الفيتو، وهناك 3 فيتو في أوروبا لروسيا وبريطانيا وفرنسا، مقابل فيتو واحد لأميركا. ومع ذلك لن يلوح أحد به. إذن أوروبا في نهاية المطاف لا حول لها ولا قوة بشأن قضية العراق، وهذا ليس تجنياً على الاوروبيين، وإذا تركنا قضية العراق واتجهنا الى الشرق الأوسط وبالتحديد الصراع العربي ـ الاسرائيلي، فإن أوروبا تبدو ايضاً عاجزة عن فعل شيء. والدليل رحلات الذهاب والعودة التي لا تنقطع الى المنطقة والتي يقوم بها المبعوث الأوروبي الى الشرق الأوسط ميغيل موراتينوس، وكذلك رحلات الدبلوماسي الهاديء المرموق خافيير سولانا مسئول العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي. مثل هذه الرحلات لن تفعل شيئاً للفلسطينيين حتى في ظل المذابح والجرائم التي ارتكبها السفاح شارون، ولن تجدي في رفع الحصار الذي فرض على عرفات مرتين. وبالتأكيد فأميركا لا تبالي برحلات موراتينوس ولا سولانا، فهي على يقين بأن الرحلات لن تحقق أي شيء. وهذه حقيقة لا يمكن اغفالها. فأوروبا «المشتتة» في موضوع العراق، غير قادرة على اثبات قوتها السياسية بشأن قضية الشرق الأوسط. وفي النهاية تبدو الأمور وكأنها ـ جميعاً ـ في أيدي الأميركيين!

Email