آخر الكلام ـ يكتبها: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 29 رجب 1423 هـ الموافق 6 أكتوبر 2002 لو ان مدير ادارة التراث بالشارقة وضع سيارة يتم السحب عليها في نهاية الملتقى الشعبي الذي نظمته الدائرة الاسبوع الماضي لما غاب اكثر من ثلاثة ارباع المدعوين والمشاركين من الشعراء والباحثين والمهتمين بأمر جمع وتدوين الشعر الشعبي، ولكن مدير الادارة اعتمد على ان جائزة الحضور هي الوطنية والخوف على ضياع الموروث الشعري الذي كان سيتطرق الى همومه جميع المدعوين، وان الجائزة ستتمثل كذلك في جملة توصيات وملاحظات ترفع الى من يهمه الامر لتدارك غياب الدراسات الجامعة للشعر والمفندة لخصائصه واغراضه وحياته التي تشكل جزءاً مهماً في جذور المجتمع واصالته. لكن حينما بدأ موعد الملتقى في التاسعة صباحا من يوم الاربعاء الماضي وكان هناك كتيب خاص به يضم ما يقارب على 18 اسما من الاسماء اللامعة في سماء الشعر المحلي، لم يكن هناك سوى المنظمين وصباب الشاي الذي بدا اكثر اهتماما واكثر حركة وديناميكية وعدد من مندوبي الصحف والمصورين الذين وجدوا في نوعية «كنبات» الاستراحة على مدخل قاعة الملتقى فسحة للاسترخاء والانتظار. ولاننا جميعا نعرف بعضنا البعض في مسألة المواعيد فكان لابد ان يتوقع الفرد منا ان الملتقى سيبدأ مع التاسعة والنصف، لكن هذا الموعد مر، وبعده نصف ساعة اخرى، وبعده مثلها، وعند العاشرة والنصف لاح قادم وحيد من بعيد®. وبدا الامر هكذا، ان موعد حضور الشعر وحديث الشعر، وموعد الاستنفار من اجل ما ضاع وما فقد منه ومن درره وسير اصحابه، والحياة التي كانت محيطة لا يهم كثيرا، وان الذين كان لديهم موعد صباحي ذلك اليوم لمناقشة اهم قضاياه لم يكونوا على الاكتراث، ولم يحسبوا خطورة التجاهل والنسيان.. بدأ الملتقى متأخرا، محبطا، رقع بطريقة مهذبة وحاول من حاول ان ينقذ صباح الشعر وهمومه ببعض من التحنان. لكن ما قصد به الملتقى وما تم الاستعداد له، وما فكر فيه، وما كان يجب ان يخرج عن ذلك الاحتفال والتظاهر من اجل شعر شعبي بعثر وبتر وضاع منه الكثير، لم يحدث ابدا. الذين تحدثوا بحرارة ممن حاولوا انقاذ الموقف مروا مرور الكرام على كلام مكرور ولم يصل الصوت ولم يرتد الصدى. واذا كان مدير ادارة التراث قد حاول عند افتتاح الملتقى او اللقاء الصغير، او الذي صغر، في العدد طبعا، قد حاول ان «ينغز» الاسماء التي تغيبت عن المشاركة، بالقول ان امر غياب المثقفين والمهتمين عن مثل هذه الانشطة امر عادي، بمعنى انه لا احد يهتم اصلا، وبالذات المثقفين، فانه قد حاول ان يكبح شيئا من اليأس في داخله ويبرره بالعادة. ونقول لمدير ادارة التراث: يا صاحبنا اصبح من النادر وجود من يتعاطى المسائل الادبية والفكرية بهذه الجدية التي تقصدها، واذا كنت ومن هم حولك تحفرون الصخر بأصابعكم من اجل لملمة ما ضاع وما فقد من الهوية الثقافية، فانكم نادرون، لكن خطأك الوحيد يا صاحبي انك لم تكلف نفسك وتضع سيارة عند باب دار الندوة يسحب عليها الجميع في نهاية حديث الملتقى. لو فعلت لما وجدت مكانا لموطيء قدم!!

Email