كل صباح ـ قلوب خلت من الرحمة! ـ تكتبها: فضيلة المعيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 26 رجب 1423 هـ الموافق 3 أكتوبر 2002 بغض النظر عن الأسباب التي دعت أسرة الطفلين اللذين عثرت عليهما الشرطة في أبوظبي وتبذل جهداً في البحث عن ذويهما، وبغض النظر عن أي مبرر تقدمه هذه الأسرة فان ترك طفلين صغيرين لا يتجاوز عمر أكبرهما عامين ونصف العام يعد بحق وبكل المقاييس الانسانية وغيرها جريمة في حق أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا لآباء وأمهات خلت قلوبهم من الرحمة.. آباء وأمهات لا يقدرون هبة منحها الله لهم، كثيرون غيرهم يتوقون لأن يكون لديهم مثل ما عندهم وآخرون حرموا هذه النعمة يتمنون أن يمن الله عليهم بمثلها أو حتى أقل منها. فان كانت الأسرة قد تركت طفليها في الطريق عن اهمال من غير عمد فان فعلتها هذه مصيبة، والله تكون أكبر وأعظم إن كان تركهما بهدف التخلي عنهما نهائيا كي ترعاهما احدى دور الرعاية الاجتماعية أو تتبناهما أسرة كريمة تكون بديلة لأسرتهما الحقيقية وتكون أكثر عطفا وشفقة ورحمة بهما. والواقع ان حوادث ترك الصغار في الطرقات ـ وان كانت فردية ـ تصدر من أسر غير منسجمة، لكن مما لا شك فيه انها تعد ممارسات تبعد كثيراً عن الأخلاق، وتخلو تماماً من الرحمة، ذات أبعاد اجتماعية وانسانية خطيرة تتجاوز حد ارتكاب جريمة بشعة في حق صغار لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون القدرة على معاقبة من أساء اليهم. ان جريمة ترك الصغار في الطرقات أو عرضهم للبيع فيه استغلال خطير لقيم ومثل يحرص عليها مجتمعنا في اغاثته للملهوف وتقديم العون لمن هم في حاجة اليهم وانتهاك صارخ لحرمة حياة الانسان وكرامته التي يجب ألا تمس وتبقى على الدوام في اطار من الصون وحفظها من أي تلاعب، حتى لا تطالعنا الصحف اليومية بين الحين والاخر بصور لأطفال وقد تحجرت دموعهم في مآقيهم كما تحجرت قلوب ذويهم وتبذل الأجهزة الأمنية جهوداً في البحث عنهم ومناشدتهم بمراجعتها لاستلام فلذات أكبادهم، فرعاية الصغار ليست من اختصاصات الشرطة التي تقع على عاتقها الكثير من المسئوليات الأمنية، وان قامت بأكثر منها فانها تأتي ضمن بوادر انسانية لدورها الكبير الذي يجب الا نثقله بأخرى في مقدور غيرهم القيام بها. ولكن يبدو أنه قدر رجال الشرطة تحمل تبعات أفعال الآخرين، وترقيع ما يمزقه الآخرون في العلاقات الاجتماعية والانسانية وتصحيح مسارها.. من الأعماق نتمنى أن تحن قلوب الكبار على الصغيرين التائهين وترأف بهما وأن يسارع الأبوان الى مركز الشرطة لاستلامهما وتقديم أي مبرر مقنعا كان أم غير ذلك دفعهما لتركهما في الطريق، فالرجوع عن الخطأ والعدول عن اكمال الجريمة أفضل من المضي فيها والاستمرار فيها حتى النهاية، فلربما كان ذلك مبررا للصفح عنهما.

Email