ابجديات، بقلم: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

إليكم هذه القصة أولاً: يحكى عن مدينة صغيرة انها جاورت البحر، ونظرت بعيداً صوب الأفق، واحتمت بالسماء وبرجال رسموا أقدارهم وأقدارها سنين تلو سنين، فتحت للخير أبوابها، وللتجارة منافذها، ولم تنتظر عند حواف الأحداث أو الشطآن، بل ركضت بعنفوان التوق نحو الأجمل، فصارت الأولى، وصارت الأجمل ولم يكن الانتظار خيار رجالها في الماضي ولن يكون خيارهم في الحاضر.. تلك دبي المدينة المتألقة في عيون كل المدن، والراكضة نحو صباحات العنفوان وارادات الرجال. ثم إليكم هذه الكلمات: «نحن لا نرتجل المشاريع ارتجالاً وليطمئن الجميع بأننا ندرس مشاريعنا جيداً»، «نحن لا نتوقف عندما يشك الآخرون اذا اقتنعنا بأن المشاريع ناجحة»، «الناس يتحدثون ونحن في دبي ننفذ»، «الانتظار لم يكن خيارنا ابداً لا في الماضي ولا في الحاضر، نحن دائماً نسعى ونعمل لاستشراف المستقبل». هذه الكلمات جاءت على لسان ولي عهد دبي سمو الشيخ محمد بن راشد وهو يعلن انشاء مركز دبي المالي العالمي ليكون جسراً للخدمات المالية، ومحطة حساسة تردم الثغرة الموجودة على امتداد منطقة شبه القارة الهندية ووسط آسيا وافريقيا، وقد يبدو للبعض ان هناك نوعاً من الاندفاع نحو سياسات مالية ضخمة من هذا النوع، لكن الأحداث التي يعيشها العالم لا تدع مجالاً للتردد او انتظار طوفان السوق وآلياته واشتراطاته، وقد بدأت بوادر ذلك تظهر جلياً خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وما قادت إليه من تغيرات على مستوى العالم، اضافة الى النقاط المتفجرة في آسيا الوسطى وشرق آسيا وشبه القارة الهندية، ما يعني ان القبض على زمام الفرص هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الأحداث. ان اطلاق هذا المشروع في هذا التوقيت تحديداً لا علاقة له بأحداث 11 سبتمبر لأن الحديث عن دراسة المشروع وعدم ارتجاله يعطي مؤشراً واضحاً على أنه قد تبلور كفكرة كانت خاضعة للدراسة منذ أكثر من عام، أي قبل أحداث سبتمبر بكثير، لكنه استشراف توجهات المستقبل كما ذكر سمو الشيخ محمد، وهذا ما يميز هذه المدينة جاعلاً منها قصة نجاح تروى وتدفع للانبهار. هناك سياسة العمل من أجل الأفضل، واستباق الأحداث حتى لا يفاجئنا المستقبل بحساباته وأحداثه غير المتوقعة هذه السياسة التي تختطها دبي، تحتاج الى ان تتحول إلى طريقة تفكير لدى جميع المسئولين وصناع الأحداث، فتلك مسئولية تحتاج الى عمل واجتهاد وعمل دؤوب لا يتوقف، فالقائد والمسئول هو الذي لا يستريح عند تنفيذ هدف أو تحقيق نجاح معين، انه الذي يدفعه النجاح الى نجاحات أكبر، ذلك ان الطريق نحو الأفضل ليس له نهاية، كما ان ذلك كله من صميم حركة التاريخ وأمانة المسئولية أمام الوطن والأجيال المقبلة، ولا بأس من أن نحلم، فكل انجاز عظيم بدأ بحلم صغير، لكنه احتاج الى همم عالية ونفوس عظيمة كي تجسده الى واقع، «فهناك فرق بين من يحلم ومن يعمل ولكن دعونا نحلم ونجسد بالعمل أحلامنا الى واقع ملموس» هذه كانت آخر كلمات ولي عهد دبي في خطابه الاخير، وفيها تكمن عبقرية دبي وسر تألقها.

Email