آخر الكلام، بقلم: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلنا بالأمس ان اسبوع البلديات لا يحتاج الى كرنفالات خطابة بقدر ما يحتاج الى جلسات تأمل ودراسة للقضايا البلدية الأكثر حساسية، ولأننا ايضاً نقترب من أسبوع المرور وهو الآخر لا يحتاج كذلك، لمثل هذه الآفة او عذراً «العادة» السنوية يحتاج الى دراسات مكثفة وعميقة وخطوات جريئة وعملية لبحث مأساة تساقط ضحايا السير بكثافة على شوارعنا من جراء حوادث المرور الشنيعة وغير المبررة. لهذا ندخل اليوم حساب الذاكرة لنتأمل محطات صغيرة أو قد تبدو هكذا، لكنها في حقيقة الأمر عميقة وجد هامة، وقبل هذا أدعوكم لالقاء نظرة على آخر اخبار المأساة التي بدأت ولم تنته بعد من خلال جمل الأخبار التي وافتنا بها ادارات المرور حتى يوم أمس، حيث نقرأ «وفاة مواطن وشقيقته واصابة بقية افراد اسرتهما على طريق الذيد»، «وفاة أربعة أشخاص وإصابة عشرين في حوادث متفرقة في عطلة نهاية الاسبوع الماضي»، «وفاة باكستاني في حادث مروري واصابة أربعة أشخاص آخرين في حادث تصادم بين سيارتين». وقبل هذه الحوادث حوادث وبعد هذه الحوادث حوادث.. وكما كتبنا قبل أسبوعين ان ضحايا الطرق عندنا مثيرة للدهشة وتحليل أسبابها لا يقود إلا الى نتيجة واحدة مفادها ان مستخدمي الطرق ونسبة كبيرة منهم هم من يتحمل هذه المعدلات الكبيرة من الحوادث والوفيات على اعتبار ان نسبة كبيرة من شوارعنا مرصوفة ومؤهلة وعلى أعلى مستويات الدقة حسب خبراء المرور. «الناس هم السبب» هذه الجملة يجب ان نضع تحتها مئة خط أحمر ونحن نستعد لأسبوع المرور ونسأل مدراء المرور وأهل الاختصاص كيف يمكن استغلال المناسبة من بؤرة المأساة الحقيقية، هل سيبدأ الاحتفال بالتقارير المعتادة والكلاشيهات الرنانة الطنانة؟ ام ان ما في النوايا والأهداف شيء أعمق من الثرثرات السنوية وجرد الانجازات؟ في أسابيع المرور التي مرت علينا في السنوات الاخيرة كان الاحتفال على صفحات الجرائد والمجلات وفي ملصقات الشوارع واليافطات فهل يركل رجال المرور هذا الاسلوب الى الجحيم للدخول في صميم التوعية المطلوبة؟! هذا السؤال كما قلنا في البداية سيحيلنا الى حسبة في الذاكرة، حسبة قديمة يتذكرها كل رجال المرور أيام شبابهم.. ولنذكر.. في تلك السنين، وهي سني البدايات كان أسبوع المرور يعني تظاهرة حقيقية وتذكروا معي ذلك الملصق الصغير «دقق على هذه السيارة»، كان رجال المرور وطلاب الكشافة الذين يتم الاستعانة بهم في هذه المناسبة يغطون شوارع البلاد كلها في حملة واسعة للارشاد والتوعية والتدقيق، كان المرور يحضر روحاً وجسداً في كل شبر من شوارعنا وممراتنا، ولو تطور الحال الى الافضل لكانت التوعية اكبر.. مشكلة الحوادث المأساوية ليست في الطرق ولا في السيارات الحديثة التي نستخدمها، المشكلة الكبرى فيمن يستخدم الطريق والسيارة، المشكلة في العقول والسلوكيات وهذا ما يجب العمل عليه.. وآخر الكلام ان بين الأسابيع المناسباتية حالة مشتركة هي الآفة التي تنخر عظم التطوير والتجديد، عادة اجترار تقارير المنجزات ليس إلا.. متى «نخلص عاد»؟!

Email