رأي البيان ، لحظة تاريخية مصيرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لابد أن هناك أسباباً أخطر مما هو ظاهر دفعت إدارة جورج بوش لأن تبدأ ولايتها ودورها في الشرق الأوسط بخطوة تفجيرية بدل تبريد المنطقة الملتهبة. كانت الضربات الأمريكية والبريطانية الأخيرة لبغداد مفاجئة لجهة توقع كافة المراقبين أن تلجأ واشنطن للتهدئة ومحاولة حشد كافة السياسات الهادفة لنزع فتيل الانفجار الشامل الذي يتهدد المنطقة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين. لكن وكما اعتادت دوائر صُنع القرار الأمريكي على اصطياد أكثر من عصفور بضربة واحدة فإن الخفايا تشير إلى ملامح المكتسبات لدى صُنّاع القرار هؤلاء في واشنطن. الهدف الأول كما يبدو إثارة الأحقاد العربية العربية وإصابة الآمال العربية بالمصالحة بانتكاسة على أبواب قمة مارس المقبلة التي تسعى للانتقال من مستوى التضامن الشفهي إلى خطوات عملية باتجاه وحدة الصف العربي بدءاً بحسب التقارير ببلورة السوق العربية المشتركة. أما الهدف الثاني فهو التلويح للعراق بطول الذراع العسكرية الأمريكية بناء على ما تروجه اسرائيل من حشود عسكرية عراقية على الحدود السورية والأردنية لمؤازرة دمشق حال اندلاع المواجهة الشاملة. فيما يبقى الهدف الأخير دعائياً بحتاً لغاية إظهار التمايز عن سياسة إدارة بيل كلينتون السابقة المتهمة باللين تجاه الملف العراقي. إزاء كل ذلك يتحتم على كافة الأطراف العربية الاضطلاع بمسئوليتها في هذه اللحظة التاريخية المصيرية: على العراق اعتماد خطاب التهدئة لتفادي إثارة الحساسيات وتبعات جروح الماضي, وعلى الأطراف العربية كافة في المقابل المضي قدماً بإجراءات المصالحة وتصليبها بالإعلان المأمول عن السوق العربية المشتركة في قمة مارس.

Email