رأي البيان ، أهداف القصف الأمريكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

القصف الأمريكي للعراق الليلة قبل الماضية لم يكن مفاجئاً من ناحية التوقيت والدوافع الخفية لا المعلنة, ولم يكن أيضاً عملاً روتينياً على النحو الذي وصفه به صنّْاع القرار في البيت الأبيض. لقد جاء القصف الأمريكي بمثابة رسالة لأطراف عربية وإقليمية ودولية, تحمل عدة إشارات, وتستهدف جملة من الأهداف المتباعدة وربما المتباينة في مظهرها وإن اتسقت على مستوى الهدف العام للمخطط الاستراتيجي الأمريكي. أولى الإشارات والأهداف التي حملتها رسالة القصف الأمريكي للعراق, هي تذكير المجتمع الدولي بأن الإدارة الأمريكية الجديدة ليست أقل حزماً من سابقتها وإن فاقتها من حيث السقف الاستراتيجي الساعي لبسط وترسيخ الهيمنة بدبلوماسية البوارج على مقدرات العالم, ولقد تخيرت أضعف حلقات (اللانظام) الدولي وأسخن نقاطه ليكون دوي القصف أو الرسالة مسموعاً للجميع, سواء في بكين أو موسكو التي تجاهر بإعداد درع بديلة للدرع الصاروخية الأمريكية أقل تكلفة وتسترضي أوروبا في محاولة لفك ارتباطها الذيلي بالولايات المتحدة الأمريكية. والرسالة الثانية للقصف موجهة بالأساس إلى عواصم إقليمية ترى واشنطن أنها تهدد بعرقلة خططها لإعادة بناء وصياغة سياستها ومصالحها في شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى والشرق الأقصى. أما أخطر الرسائل أو ثالثة الأثافي فهي الموجهة لنا نحن العرب, فالقصف يستهدف فك الخناق عن إسرائيل الملوثة يدها بدماء أطفال ونساء وشيوخ انتفاضة الأقصى, ولفت الأنظار عن توابع انتخاب الإرهابي أرييل شارون رئيساً لحكومة الكيان الصهيوني, وبالتالي تهيئة الأجواء لتسلله السياسي لتقويض الانتفاضة وفض الإجماع العربي حولها. ويرتبط بالرسالة الأخيرة أخبث وأخطر الأهداف وهو إحداث حالة من الفوضى في الصفوف العربية بعد أن بدأت تصطف من جديد, وتعكير الأجواء التي بدأت تصفو وعرقلة أي امكانيات متاحة لنجاح القمة المقبلة, بإعادة طرح وإبراز الخلافات حول قضية العراق, وإجهاض أي محاولة لرفع الحصار عن الشعب العراقي.

Email