استراحة البيان ،زمن متحول في إعلام الإمارات، يكتبها اليوم: سعيد حمدان

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعيش اليوم مرحلة جديدة في عمر إعلام الامارات, التي قد تكون علاماتها بدأت في السنوات الثلاث الأخيرة وشملت ثالوث هذا الاعلام: الصحافة والتلفزيون والاذاعة بعض ملامح هذا التحول نجدها في شكل: ميلاد قنوات فضائية وكذلك موجات اذاعية جديدة, وشاهدنا وسمعنا قنوات واذاعات متخصصة في الرياضة والاقتصاد والقرآن والغناء. كذلك لصحف زاد وزنها من حيث كثرة عدد صفحاتها وشهدت تطوراً في الشكل والمحتوى, وايضا تقنيات البنية الداخلية من جماعة ومراحل العمل الفني الاخرى فيها وولدت مجلات جديدة وتجددت مجلات قديمة, وظهرت سوق تنافسية حامية, وتحديداً في مجال المجلات, واصبحنا نقرأ وكالة انباء الامارات على الانترنت بحلّة وخدمات تنافس فيها مثيلاتها من الوكالات الدولية, وايضا لأول مرة ومنذ عشرين عاما تصدر جريدة جديدة في الامارات, ويسمح بصدور مجلات في الدولة. وخرجت مشاريع ضخمة تستهدف الاعلام وخدمته مثل نادي دبي للصحافة ومدينة الاعلام. وظهرت جمعية الصحفيين بعد يأس, وبدأت مساحة أكبر من الحرية الاعلامية ينادى بها و(تمنح) للإعلام. حيّز لم يتعوده الاعلام نفسه منذ سنوات بعيدة, وتزايد عدد الزملاء الذين زاروا مكاتب النيابة العامة وترددوا على أروقة المحاكم كمتهمين هذه المرة. وبزغت اسماء جديدة عديدة في الاعلام المكتوب والمشاهد والمسموع, وغابت بقايا جيل قديم مخضرم. تحولات قد تكون إفرازاتها أو ما ذكرت منها مخرجات مهمة تعكس تطورا, لكنها بداية مرحلة تحوّل, ولا شك ان وراء الكواليس حالات قلق وخوف ــ حتى في الوقت الذي تتاح فيه مساحة أكبر من الحرية الاعلامية ــ حالات الهواجس والحسابات هذه قد تكون في كل الاعلام ووسائله. السبب انها فترة انتقال من زمن لآخر, والتجربة في بدايتها ولابد أن تكون لها افرازات قد تعطي انعكاسات تبدو متناقضة وقد يشوبها نقص ومشاكل عديدة في صورة اقرب إلى الاعلام من حال المجتمع والامة العربية بشكل آخر. وعن إعلام الامارات عقد نهاية هذا الاسبوع ندوة رائدة ومهمة, نظمتها دائرة الثقافة والاعلام وجامعة الشارقة, بعنوان (اعلام الامارات في زمن متحول), وحقيقة لولا بعض الملاحظات التي سجلت عليها, لكانت من الأعمال التي سيحفظها ويذكرها الاعلام وأهله بالتقدير والعرفان للجهة المنظمة, ولكانت هديّة قيّمة للتاريخ والأجيال القادمة, تقدم من جهة علمية ثقافية محايدة. هذه الملاحظات الصغيرة والسريعة التي طرحت من الحضور والمشاركين, هي في حقيقتها كبيرة عندما تتناول بعض جوانب التنظيم مع ضخامة الامكانات المقدمة وحجم الرعاية والاهتمام, وايضا عندما تتحدث هذه الملاحظات عن دور لجنة متابعة قراءة نصوص اوراق العمل, ورقة مسيئة واحدة قد تشوه كل الصورة. الاولى ألا تكون موجودة. هذه الورقة لو كتبت في صحيفة صفراء خارجية, فانها ستولد الامتعاض عند قارئها, لانها لا تحمل سوى حقد في النفوس ــ كنا نظن أن زمنه انتهى ــ وسموم, فكيف نسمع مثل هذا القذف والهجوم وتشويه صورتنا في وطننا؟ إنه زمن متحول فعلا! تهاجم الورقة الصفراء توطين الاعلام, ترى فيه انه سبب تخلف وتأخر الجريدة, تصفهم انهم هم السبب, الذين اوقفوا سيرها ومجدها وأبقوها (محلك سر)! رد على هذه الإساءة كثير من الاخوة المشاركين من الاساتذة المواطنين والمواطنات, وتوقفوا عندها طويلا في كل ايام وجلسات الندوة. لكن الذي يفرح ويطمئن هو ان الاساتذة والزملاء الاخوة العرب كان ردهم واستياؤهم منها اشد. التوطين هو الاساس, كما علق أحد الاساتذة المشاركين و(يجب) ان يكون ذلك بسرعة ودقة, ومطلب التدريب الحقيقي هو الاحتياج الاهم لهذا العمل, فعامل التوطين هو رسالة وهدف يجب ان لا يثير غضاضة او تحسساً, لا توجد فيه اقليمية او انه دعوة عنصرية, انه حق ومطلب ملح في منطقة مثل الخليج تعاني من التركيبة والهوية, وفي بلد فيه هذا العدد الضخم من وسائل الاعلام ومطلب الاحتياجات المتزايدة للطاقات البشرية في هذا الجهاز. والذي سيقوم بتدريب وتأهيل المواطن هو هذا الاخ والزميل العربي في المهنة, فهو هنا الاستاذ الذي علّم واخلص في هذا, ستبقى روحه وفكره وجذوره, لانه زرعها في الانسان, و هو خير زرع يمكن غرسه في هذه الارض. الاستاذ الحقيقي هو من يخلص في العطاء ويفرح عندما يعلّم ويدرب ويزداد ويكبر عدد طلابه ومريديه, تظل افكاره واحلامه وتجاربه باقية ومحفوظة ومتواصلة. هذه الاستاذية, وهذه الرسالة.

Email