الحرب المقبلة، بقلم: أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل يأمر شارون في وقت ما بتوجيه ضربة جوية الى (السد العالي) في مصر؟ السؤال ليس افتراضيا تماما. فقد ورد على لسان افيجدور ليبرمان احد، كبار مستشاري الجنرال شارون عقب اكتساح الجنرال الانتخابات الاسرائيلية ان (شارون قد يفكر في قصف سد أسوان). ولم يرد اي نفي لهذا الحديث من الجنرال الدموي الذي صعد الى قمة السلطة في اسرائيل. ومما يمكن ان يستدل به على خطورة تصريح ليبرمان وهو يتحدث في مقابلة مع التلفزيون الاسرائيلي ان القاهرة اخذته مأخذ الجد. فقد خرج رئيس الاركان المصري المشير طنطاوي عن صمته المهني كعسكري مثالي وعلق فوريا, لكن بصورة ضمنية غير مباشرة, على هذا التهديد الاسرائيلي.. فأعلن ان القوات المسلحة المصرية على اعلى درجات الأهبة والاستعداد لمواجهة اي عدوان عسكري خارجي. ما هي اذن احتمالات اندلاع حرب عربية اسرائيلية في المستقبل المرئي خلال العهد (الشاروني)؟ ان السيرة الشخصية للجنرال ارييل شارون يغلب عليها الطابع العسكري العدواني. ورغم ان اجندته السياسية التي انتصر بها في الانتخابات لا تشتمل على تهديد بحرب اسرائيلية تقليدية ضد اي دولة عربية الا ان الشروط (الدوغمائية) التي وضعها لاي تفاوض مع الأطراف العربية هي من التشدد الاحادي بحيث أنها تفتح احتمال الحرب على الاقل بالنسبة لدولة عربية واحدة.. سوريا. ان من المستبعد ان تشن اسرائيل شارون حربا ضد مصر رغم خطورة حديث ليبرمان.. لانها في هذه الحالة سوف تواجه باعتراض امريكي قوي لن يستطيع القادة الاسرائيليون المخاطرة بتجاهله. لكن الولايات المتحدة قد لا تمانع في هجوم اسرائيلي على سوريا.. الدولة الوارد اسمها في قائمة (الارهاب) الامريكية. ونعيد الى الأذهان ان من بين شروط شارون لاحلال السلام بين اسرائيل والعرب ان منطقة الجولان السورية المحتلة اسرائيليا غير قابلة للتفاوض. ومعنى ذلك ان شارون يعتبر اسرائيل ضمنا في حالة حرب او شبه حرب مع سوريا. وحتى اذا لم تبدأ سوريا اسرائيل بعداء عسكري مباشر فان للاسرائيليين ذريعة جاهزة لشن عدوان.. وهي (تأديب) دمشق على تحالفها مع المقاومة اللبنانية ونشاط (حزب الله) العسكري الذي لم يتوقف. في كل الاحوال تقتضي الحكمة ان تتفادى الدول العربية بما في ذلك مصر وسوريا كل ما من شأنه ان يقودها الى حرب تقليدية مع اسرائيل بحكم التفوق الاسرائيلي في القوة العسكرية التقليدية. ولكن ماذا عن الحرب الشعبية؟ ان بوسع الدول العربية ان تدمي القوة العسكرية الاسرائيلية حتى الاستسلام كما جرى في الجنوب اللبناني على ايدي مقاتلي (حزب الله) ولكن دون ان تظهر الحكومات العربية في الصورة. هناك حركة مقاومة شعبية فلسطينية تميز بقوة العزم والارادة وصلابة العنصر البشري. والمتاح للدول العربية هو المساعدة الجادة في تطوير هذه المقاومة نوعيا لتكون قادرة على ممارسة اشد ما تخشاه اسرائيل: الضرب الموجع المنظم داخل العمق الاسرائيلي, خاصة المدن. ان الميزة العظمى للمقاومة الشعبية الارضية هي انها في هذه الحالة تؤدي لتحييد الصواريخ والطائرات الاسرائيلية عالية التكنولوجيا. واذا كانت الوسائل التي تستطيع الدول العربية ان تسهم بها في تطوير المقاومة الشعبية الفلسطينية متعددة فإن اهمها امدادات السلاح والذخيرة والتدريب والسماح للمتطوعين من الشباب العربي بالانضمام الى صفوف المقاومة. وفي عهد شارون فإن الفلسطينيين باتوا في غنى عن اي (مساعدات) عربية على الصعيد الدبلوماسي وحده.

Email