ابجديات _ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

آخر الدراسات العلمية في مجال السكان التي اجراها البنك الدولي تفيد بأن منطقة الشرق الاوسط هي اكثر المناطق واكبرها احتواء على اعلى معدلات الشباب مقارنة بكل المناطق في قارات العالم, حيث تقدر دراسة البنك أن 40 % من سكان المنطقة تقل اعمارهم عن 15 سنة, والقضية تهمنا في العالم العربي باعتبارنا نشكل الجزء الاكبر من منظومة الشرق الاوسط. دراسة البنك الدولي تقول باختصار ان 40% من مجموع سكان العالم العربي اليوم سيكونون قوة العمل الاولى بعد 10 سنوات (حيث سن العمل الطبيعي 25 سنة) وهذا يعني ان الارقام تقول بما لا يدع مجالا للأخذ والرد بأن صغار اليوم هم الذين سيحددون مستقبلنا وعلينا ان نعد لهم العدة ونزودهم بمفاتيح هذا المستقبل منذ الان. نحن على النقيض من اوروبا وامريكا ودول متقدمة عديدة حيث تعتبر هذه المجتمعات نفسها مجتمعات (هرمة او عجوزة) ان صح التعبير, بينما تعتبر المجتمعات العربية مجتمعات (شابة) لكن الفارق انهم هناك لا يعتبرون الاعداد المتزايدة من كبار السن والشيوخ غير القادرين على العمل اشكالية, انهم يعدون انفسهم للتعامل مع مجتمع (العواجيز) بطريقة عملية جدا عن طريق اعداد وبناء مشاريع وبرامج رعاية المسنين صحيا وتشغيليا وحياتيا, وهذه البرامج تبدو واضحة في برامج الاحزاب ومرشحي الرئاسة في اوروبا وفي الانتخابات, في المقابل ما هي البرامج الشاملة والمتكاملة التي نعدها نحن لمستقبل 40% من افراد المجتمع سيحركون عالمنا ومستقبلنا ويكونون هم قوتنا الضاربة في سوق العمل؟ ان العالم الذي نتابع اخباره بكافة وسائل المتابعة يقول ان كلمة الفصل للعلوم التكنولوجية ولثورة المعلومات وللثورة الهندسية الوراثية ولثورات كثيرة تبدأ بالاتصالات ولا تنتهي عند حد معين, فماذا فعلنا لاستيعاب كل هذا وتقديمه لهؤلاء الشباب حتى نطمئن الى المستقبل الذي ينتظرنا على ايديهم؟ ان صناع القرار واهل السياسة والاجتماع والاقتصاد الذين يتحدثون اليوم في مجتمعاتنا الخليجية ـ ويعنيني جدا مجتمع الامارات تحديدا ـ عن خلل التركيبة السكانية وخطورة التغلغل الاجنبي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والاعلامية, وخطورة الدعوات المريبة لتمليكهم وتثبيت اقامتهم و.. وايضا اولئك الذين يتحدثون عن مستقبل التعليم ويختلفون حول منهجيته وسياساته ورؤيته المطروحة على الساحة, كل هؤلاء واولئك مطلوب منهم ان يفكروا بهدوء وباستنفار ايضا في دراسة البنك الدولي التي تقول ان 40% من مجتمعاتنا تقل اعمارهم عن 15 سنة. علينا ان نتجه صوب ضفاف اخرى في مناقشاتنا لامورنا الحيوية, فليست القضية في محاربة رؤية التعليم المعروفة بـ 2020 وليست في النبش في سجلات واضعيها, وليست في كراهية الاجنبي وفي وفي.. قضيتنا اخطر من ذلك ومعركتنا اكبر, انها كما قال شكسبير في احدى مسرحياته: (نكون او لا نكون تلك هي المسألة)!! فإذا كان العالم العربي ينفق على التسليح بما يوازي 61 ضعف ما ينفقه على البحث العلمي حسب تقارير جاءت اثر مؤتمر وزراء التعليم العالي في احدى الدول الخليجية, فليس هناك ما يبشر بخير ابدا, حيث لا يدل هذا الانفاق ولا يدل تخفيض ميزانية التعليم الا على اننا عازمون ان ندخل القرن الواحد والعشرين بذات القناعات التي دخلنا بها القرن الماضي, وان نكمل مشوارنا الحضاري بقيم القرون الماضية, رغم الحقائق الدامغة والدراسات الخطيرة, نحن ندق ناقوس الخطر وما على اصحاب القرار سوى ان يتأملوا فيما هو صالح للجميع.

Email