الى اللقاء ، بلطجة الفنانين، بقلم: محمود عبدالكريم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو ان حمى شعبان عبدالرحيم المطرب الشعبي الذي ترك المكواة الى الغناء تفقد بعض مدعي الفن اعصابهم, فهؤلاء اصبحوا فنانين لمجرد انهم وجدوا منتجا يطبع لهم شريط كاسيت أو جمهورا من طبقة معينة يستمع اليهم فتسرى ، عدوى الاستماع في غيرهم كنوع من التغيير والخروج من حالة الملل, هذه الحمى الجديدة اصابت فنانين فرضوا اسماءهم في غفلة من الزمن في السنوات الاخيرة وفرضوا ذوقا فنيا اخذ في التدهور تدريجيا بحكم الصرعات والموضة المتلاحقة. ومن هؤلاء عمرو دياب الذي رفض ان يصوره مصور صحفي في احدى الحفلات فلما اصر المصور على القيام بواجبه امر (البودي جارد) او الحرس الخاص به بالاستيلاء على كاميرا المصور الذي لم يمتثل للامر فما كان من الحرس الا ان قام بضرب المصور وتكسير الكاميرا وقامت القيامة وكبرت المشكلة ووصلت للنيابة والمحاكم والباقي معروف.. وكان المتهم فنانا والمجني عليه صحفيا. وثمة تشابه وان كان بدرجة اقل حدث قبل ايام في حديقة الهيلي بالعين التي دعت مطربا شعبيا ربما نسبة الى الشعب وربما نسبة الى الاغاني الشعبية التي كانت خالتي ام زكي ترددها زمان على الترعة واعاد صاحبنا غناءها بشكل او بآخر فأعطته صفة مطرب شعبي, ليغني امام جماهير ورواد المهرجان وانتظر الناس طويلا ان يظهر المطرب على المسرح وكان موعده التاسعة فلما مرت التاسعة ثم التاسعة والنصف حتى دقت العاشرة وصل هذا المطرب وهو حكيم فيما بعد الى الحفلة متأخرا, وقصد فور وصوله الغرفة التي اعدت للفنانين خلف المسرح الكبير, كان حكيم يرتدي كل انواع الخواتم في اصابعه وطوقا او سلسلة ذهبية في عنقه وبدلة سوداء وفانلة (تي شيرت) سوداء, وبدلا من ان يعتذر عن تأخيره كعادة الفنانين الذين يحترمون مواعيدهم وجمهورهم وقف وسط الغرفة يشتم ويهدد ويتوعد كل الذين استقبلوه بفرحة اللقاء, بل انه زاد على ذلك بالتطاول على المذيع وعلى مهندس الصوت العاملين باذاعة F.M من ابوظبي, فبمجرد ان طلب منه المهندس بشير عثمان الاستعداد للتسجيل على الهواء حتى اندفع حكيم صارخا في وجه الرجل بكلمات غير مفهومة وهو يرغي ويزبد كأن مهندس الصوت قد ارتكب جريمة في حقه عندما قال له نحن على الهواء ونريد التسجيل معك, ولم يكتف حكيم بذلك, وانما استدار الى الصحفيين والمصورين وراح يطرد فيهم, وكان منهم الزميل ايمن عبدالفتاح مصور جريدة (البيان) بالعين الذي قاده سوء حظه لان يلمع فلاشه في وجه (سي حكيم) فصرخ فيه (اطفىء الكاميرا واخرج بره.. ما فيش تصوير). وهكذا ظل حكيم يهذي بكلمات غير مفهومة حتى صعد على المسرح ليغني بصوت محشرج وسط استهجان الجماهير التي بلغها ما حدث في غرفة الملابس فتحول الجو من الفرح والبهجة الى الغضب, حيث غادر كبار الضيوف المسرح وصاحبنا يصرخ ويتنطط على المسرح مسترسلا في غنائه دون تجاوب من الجمهور المستاء وبالطبع فهذا المطرب ضرب ــ مع زميله عمرو دياب ــ اسوأ الامثلة في التعامل مع الصحافة ولاشك ان الصحفيين لن يخسروا شيئا اذا لم يكتبوا خبرا عن دياب او عن حكيم ولكن الخاسر هو ذلك المطرب الذي تصنعه اجهزة الاعلام وتقدمه, وفي معظم الاحوال تجمله حتى يتقبله الجمهور, ولكن بعد ان يصعد نجمه لا يجد احدا يستعرض عليه عضلاته سوى الصحفيين الذين صنعوا شهرته, اما ما يقال بأن هؤلاء المطربين اعتمدوا في الشهرة على الصوت, فهذه حكاية ولت بعد ان رحل عمالقة الطرب الاصيل وعميدتهم السيدة ام كلثوم ورفاقها محمد عبدالوهاب وفريد الاطرش وعبدالحليم وفايزة احمد, ورغم نجاح هؤلاء ووصولهم الى القمة فقد كانوا يضعون الصحفي في مكانه اللائق ويعرفون ان له فضلا كبيرا في تقديمهم بالصورة الجميلة للجمهور, ورغم ذلك التأثير السيء الذي تركه المطرب حكيم على الجماهير استطاع آخر المطربين المحترمين من جيل العمالقة الفنان هاني شاكر ان يمحو ما فعله حكيم سواء بعلاقته الراقية واستقباله المحترم للصحفيين الذين تسارعوا لاجراء احاديث فنية معه او في ترحيبه بالجمهور بابتسامته او في اغانيه الرائعة التي قدمها ومنها اغنيته على باب القدس التي ادمعت اعين الحضور وألهبت اكف الصغير والكبير. ان هاني شاكر يدرك كفنان محترم وملتزم اهمية ان يتعامل باحترام مع الصحافة ويدرك اهمية استقبال معجبيه وكذلك اهمية الكلمات التي يغنيها وتأثيرها اما مطربو (بابا اوبح) و(النار الوالعة) فهم فقاعات بقدر ما تكبر بسرعة بقدر ما تتلاشى بطريقة اسرع ولا يبقى الا ما يرسخ في وجدان الناس, وكل هذه العصبية والتوتر الذي اصاب عمرو دياب وحكيم وغيرهما من فيلق المطربين في معارك الغناء الطاحنة سببه ان شعبان المكوجي اصبح يوزع شرائط اكثر من شرائطهم والتهم السوق منهم.. وربنا يسترها معاهم!!

Email