أبجديات ، بقلم : عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخل أغلب المسلمين في أنحاء العالم موسم عبادة وتبتل بصيام شهر رمضان ابتداء من يوم امس الاثنين, بينما فضل بعض المسلمين في اقطار اسلامية تأخير الصوم يوماً آخر ابقاء لعادة الخلاف قائمة كطقس اسلامي عربي، ستظل غارسة في عاداتنا وعباداتنا, وبعيداً عن ذلك, فإن هذا العالم وفي شهر رمضان تحديداً سيظل مفطراً طوال الاربع والعشرين ساعة على السياسة وتحركاتها واخبارها. فرمضان يأتي هذا العام والاراضي المحتلة تتفجر جهاداً واستشهاداً وقوافل الشهداء تزف الى السماء في مواكب وجنازات لا تكاد تنتهي منذ ارتكب شارون حماقته بدخوله وجنوده الى باحة الاقصى منذ شهرين تقريباً. وعليه فرمضان يطل حزيناً باكياً على البيوت الفلسطينية وعلى الامهات والاباء وحتى الاخوة الصغار الصائمين بحزن, والمقاتلين تحت وطأة الصيام الطويل. افكر في عشرات المنازل الفلسطينية هناك في قرى ومدن الضفة الغربية وغزة, استرق السمع وانصت متأثرة بجلال الموقف ورهبة الصمت وذلك الدمع الساخن والحزن الصامت الناضح من القلوب, فأسمع وقع اقدام تلك الام التي تقف امام سرير ابنها البارد منذ رحل الفتى الى ربه برصاص قناص اسرائيلي لعين, فأشرق بدمعي قهراً وحزناً, بينما تتماسك هي امام بقية الصغار الذين يفرون من احضانها الى الخارج, الى حيث الموت لهم بالمرصاد, لكنهم مصرون على أخذ الثأر, وثأرهم طويل وفواتيره لا حصر لها, وشقيقهم الذي رحل وجه في طابور لا ينتهي من الشهداء الذين على اسرائيل ان تدفع كثيراً وكثيراً جداً, لتهدأ أرواحهم الطاهرة, وليتنفس الاقصى عبير الحرية ويغلق عينيه عن مرأى اصحاب الاحذية القذرة من جنود الصهاينة. افكر في الـ 270 شهيداً واكثر الذين رحلوا, واقرأ صحافة الغرب فأجد ما يزيدني قهراً, فكل هذه الجنازات الطاهرة وهذا الموت العلني والقبور التي تتزايد كل يوم لا تعني لهذا الغرب البارد شيئاً, لكن جندياً اسرائيلياً واحداً يقتل في كمين او غيره يحتل الصفحات الاولى, ولا اعجب لأنني أعلم الى اين تنتهي خيوط الاعلام الغربي في نهاية الامر, لكنني امارس حقي في القهر لا اكثر, ألم أقل بداية اننا سنصوم عن كل شيء الا عن السياسة في هذا العام تحديداً اكثر من اي عام مضى؟ فها هي صحيفة (الديلي تلجراف) البريطانية تقول ان مقتل الجندي الاسرائيلي في كمين حزب الله بمزارع شبعا حرك اعلى مستويات الحكومة (الاسرائيلية) دافعة رئيس وزرائها ايهود باراك لأن يفتح قنوات اتصال سرية مع القيادة الفلسطينية, وذلك جنباً الى جنب مع مساعي روسيا ومصر الحثيثة لنزع فتيل (الأزمة) ثم تفاجئك الصحيفة بصورة لسيدات (اسرائيليات) يبكين ناحبات في جنازة الضابط (الاسرائيلي) الذي قتل برصاص فلسطيني الاسبوع الماضي. اكثر من ذلك هذه الاشارة الخبيثة التي يتضمنها الخبر في الصحيفة البريطانية, حيث ان اعمال العنف ستزيد حسب تحليلها مع دخول المنطقة موسم صيام رمضان, اذ ترتفع الحماسة الدينية في هذا الشهر المقدس عند المسلمين وكأن المسلمين يصومون لتنفتح شهيتهم على العنف وقتل (الاسرائيليين) (المساكين)!! وبالتأكيد فلا شيء في الصحيفة يدين شهية (الاسرائيليين) المفتوحة في كل المواسم والفصول على القتل والولوغ في الدم الفلسطيني. ماذا تقول الام الفلسطينية المنتحبة في كل دقيقة وهي ترى ابناءها يتساقطون يومياً امام ناظريها بينما تولول صحافة الغرب على مقتل ضابط واحد قتل لانه يستحق ذلك جزاء على اجرامه في حق الابرياء؟ عزاء الام الفلسطينية ان ابناءها في الجنة وقتلى الاسرائيليين في النار.

Email