خط مباشر _ أين اوروبا؟ _ بقلم: احمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع اتخاذ اوروبا موقفاً حيادياً سلبياً تجاه الحرب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني لا يسع القيادة الفلسطينية إلا ان تلوم نفسها, فالقيادة الفلسطينية هي التي دعمت واعانت الولايات المتحدة في منع الاتحاد الاوروبي واي قوة دولية اخرى بما في ذلك روسيا والصين من المشاركة في رعاية عملية سلام الشرق الاوسط. في الاسبوع الماضي اختتم مؤتمر وزاري جمع ممثلين لدول الاتحاد الاوروبي مع ممثلين لدول عربية في اطار منظمة (يوروميدو) ــ وهي مجموعة تضم الاتحاد الاوروبي مع الدول العربية المطلة على البحر الابيض ــ وما ان انتهى الاجتماع حتى توالت تصريحات من الوزراء العرب المشاركين, بمن فيهم وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني د. نبيل شعث, يعبرون فيها عن صدمة وغضب لان الوزراء الاوروبيين رفضوا تسجيل ادانة لاسرائيل... متخذين بذلك موقفاً محايدا تجاه الحرب الوحشية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين. قال عمرو موسى وزير خارجية مصر مخاطباً الاوروبيين: (لا يمكنكم ان تكونوا محايدين تجاه العدوان المحتل على سكان محتلين). وقال د. شعث: (نحن نريد من اوروبا ان تتخذ موقفا قويا لمواجهة العدوان الاسرائيلي). هنا نستعيد من الذاكرة تلك الجولة التي قام بها رئيس فرنسا جاك شيراك العام الماضي في عدد من الدول العربية وهو يعرض على الحكومات العربية في كل محطة هبط فيها ــ بما في ذلك القاهرة وعمان وغزة ــ عقد شراكة استراتيجية بين اوروبا والعالم العربي. كانت رسالة شيراك واضحة كالشمس: انتم ونحن نعاني من الهيمنة الامريكية... وها نحن نمد ايدينا اليكم من اجل شراكة تضامنية تضمن لنا جميعاً استقلاليتنا تجاه الولايات المتحدة. لقد كانت الرسالة من الوضوح بحيث ان واشنطن جهرت بامتعاضها وغضبها من التحرك الفرنسي. لكن حكومات اوروبا لم تصدم من الغضب الامريكي بقدر ما صدمت من السلبية العربية, فالحكومات العربية, بعيدا عن التجاوب مع اوروبا, تمسكت اكثر بتحالفها مع الولايات المتحدة. قبل جولة شيراك وبعدها لمدى سنوات طويلة للوراء حرصت واشنطن بدوافع احتكارها للعملية التفاوضية بين الفلسطينيين والاسرائيليين بغرض توجيه مسارها صوب الاهداف الاسرائيلية في اطار تواطؤ مسبق مع الدولة اليهودية, على استبعاد اوروبا نهائياً لادراكها ان دول اوروبا قد تتخذ موقفاً داعما للطرف العربي او على الاقل موقفا موضوعياً. لكن لم يكن بوسع اوروبا ان تحتج على هذا الابعاد بينما الطرف العربي صاحب القضية ينحاز الى الموقف الامريكي... فما كان لاوروبا ان تكون ملوكية اكثر من الملك. والآن يدفع الطرف الفلسطيني ثمن هذا الانحياز الشاذ. وعندما تظل اوروبا اليوم كما كانت بالامس على حيادها فلأن الطرف الفلسطيني في مجاراته للمسلك الامريكي اراد لها ذلك. والآن ... ومع اتخاذ واشنطن موقف المتفرج غير البريء تجاه القمع الاسرائيلي المسلح للشعب الفلسطيني تتساءل القيادة الفلسطينية: أين اوروبا؟ ولو ارادت القيادة الفلسطينية وهي تواجه حربا اسرائيلية بمباركة امريكية صامتة ان تجد اجابة صائبة على هذا التساؤل فان عليها ان توجهه الى نفسها... كبداية لمراجعة شاملة لأخطاء الماضي.

Email