(المحامي) كوهين ، بقلم : أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد انعقاد قمة عربية وقمة اسلامية على خلفية حرب وحشية تشنها اسرائيل ضد شعب عربي يطالب بالاستقلال, وبالتالي تغير المناخ السياسي نوعيا بطول العالم العربي وعرضه ربما راودنا ظن بأن أولويات الاجندة، الامريكية تجاه المنطقة قد يطرأ عليها تغيير طفيف.. ولو مؤقتا. لكن وقائع الجولة الحالية لوزير الدفاع الامريكي وليام كوهين في العالم العربي واسرائيل والنغمة التمييزية لجدول اعمال الجولة لا توحي الا بالعكس, بل ان سياسة الكيل بمكيالين ــ النهج المعتمد امريكيا تجاه العرب من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى ــ صارت اقوى من اي وقت مضى. قائمة القضايا التي يحملها كوهين في جولته يمكن تلخصيها كما يلي: الارهاب.. العراق.. عملية السلام.. اسلحة الدمار الشامل. وكل مسألة من هذه المسائل تطرح من منظور الامن الاسرائيلي والانحياز الكامل اليه على حساب الامن القومي العربي. قبل نحو اسبوعين وصف الرئيس كلينتون حادثة تفجير سيارة في القدس الغربية تبنتها جماعة فلسطينية وأدت الى مقتل يهوديين بأنها ( عمل ارهابي).. بينما تظل واشنطن حتى الآن عاجزة عن ايجاد وصف مماثل لمصرع اكثر من مئتي فلسطيني, بينهم نسبة كبيرة من الاطفال, برصاص جنود اسرائيليين وفق تعليمات من السلطة السياسية الاسرائيلية. وهذا هو الفهم الاحادي للارهاب الذي على اساسه سوف يتناقش وزير الدفاع الامريكي مع مسئولين عرب. ذلك انه وفقا لهذا المفهوم ليس واردا امريكيا ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل رسميا وجهارا. وهناك فهم احادي آخر يتصل باحترام قرارات الامم المتحدة والانصياع الكامل لها. وفي هذا الصدد اكد كوهين حتى قبل ان يبدأ جولته على استمرار السياسة الامريكية تجاه العراق مشددا على ان واشنطن لا تزال ملتزمة باحتواء العراق وأن العقوبات لن ترفع (حتى يلتزم العراق بقرارات الامم المتحدة). لكن هذا التشديد على قرارات الشرعية الدولية لا يشمل اسرائيل. ولا ندري كيف يستقيم احتواء العراق ومعاقبته لرفضه القرار (1284) الذي يفرض عليه قبول لجنة دولية جديدة لاستئناف التفتيش على اسلحة ومواد الدمار الشامل دون فرض احتواء على اسرائيل ومعاقبتها لرفضها لمدى 33 عاما حتى الآن القرار رقم (242) الذي يلزمها بالجلاء عن الاراضي الفلسطينية. ان الكيل بمكيالين هنا يبلغ درجة الاستخفاف بالعرب كشعوب وقادة والاستهتار بمصير كل من الشعب الفلسطيني والشعب العراقي وهما يكابدان من اجل البقاء على قيد الحياة. ويناقش كوهين ايضا اسلحة الدمار الشامل باستثناء كامل للدولة اليهودية. وهنا ينظر كوهين الى المستقبل بعين صهيونية. فالهاجس الامريكي في هذا الصدد ينحصر في الحيلولة دون اعادة تسليح العراق ومنع تطور البرنامج النووي الايراني الى مستوى انتاج اسلحة نووية. ومع ان الامر يبقى في الحالتين مجرد احتمال قد يتحقق وقد لا يتحقق فإن واشنطن تلتزم السكوت الكامل على مخزون الاسلحة النووية في اسرائيل.. علما بأنه حقيقة واقعة لا مجرد احتمال مستقبلي. بهذه الاجندة الانحيازية الفاضحة يهبط وليام كوهين ــ وهو ابتداء يهودي ــ الى الشرق الاوسط وكأنه محام استأجرته اسرائيل.

Email