العرب الأمريكيون والانتخابات الامريكية ، بقلم: د. شفيق ناظم الغبرا

ت + ت - الحجم الطبيعي

قفزت نسبة مساهمة العرب الامريكيين ومنظماتهم في الانتخابات الامريكية, فهذه هي المرة الاولى التي تركز الاحزاب الامريكية على قوتهم الانتخابية وتمركزهم في مدن وولايات مهمة. اليوم تحول العرب ، الامريكيون والبالغ عددهم 3.5 مليون الى جماعة اكثر فعالية مما كانوا اي مرحلة سابقة. فقد دخل العرب الامريكيون اللعبة السياسية في كل من المؤتمر الوطني الديمقراطي والمؤتمر الوطني الجمهوري. وكان لهم ممثلين في اللجان الوطنية الانتخابية, كما ان لهم صوتا فعالا في حزب الخضر الصاعد الذي يقوده رالف نادر. ولكن العرب الامريكيين الذين شكلوا عنصرا فعالا في السابق ضمن الحزب الديمقراطي ابتعدوا عن التصويت لصالحه بعد تعين ليبرمان نائبا لجور. فقد ادى تعيين ليبرمان المعروف بتأيده لاسرائيل اضافة الى توجهات آل جور حول القدس واسرائيل الى اضعاف تأييد العرب الامريكيين للحزب الديمقراطي. هكذا نتج عن هذه التحولات انتقال قطاع كبير من العرب الامريكيين لتأييد الحزب الجمهوري ومرشحه جورج بوش الابن, اذ تبين للكثير من العرب الامريكيين ان آل جور سوف يجد صعوبة كبيرة في لجم التوجهات الاسرائيلية تجاه العرب وذلك لطبيعة الترابط بين الديمقراطيين والقاعدة اليهودية الانتخابية والمؤيدة لاسرائيل. وبالرغم من انقسام معسكر بوش حول الموقف من اسرائيل, الا ان اغلبية العاملين مع بوش من المدرسة الاكثر استقلالية وموضوعية تجاه قضايا الشرق الاوسط وهذا بحد ذاته خلق التحول في صفوف العرب الامريكيين. وساهم في زيادة تأييد العرب الامريكيين للحزب الجمهوري وعلى الاخص جورج بوش الابن انه اكثر استقلالية عن جماعات الضغط اليهودية, بل ان توجه الكثير من اليهود لانتخاب ليبرمان (اول يهودي في تاريخ الولايات المتحدة يترشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية) دفع بجورج بوش لعدم التأثر المباشر بجماعات الضغط اليهودية. وليس سرا ان جورج بوش سعى بهدوء في الاسابيع الماضية لكسب اصوات العرب الامريكيين خاصة في ولاية ميتشجان. اذ ارسل ابان مؤتمر عقدته لجنة العمل الوطنية العربية الامريكية في سبتمبر الماضي جون سنونو رئيس موظفي البيت الابيض السابق في عهد الرئيس بوش ليؤكد للمجموعة انه كأمريكي من اصل عربي يتمسك بالحقوق العربية, وان جورج بوش سيكون مختلفا في سياساته العربية والاسرائيلية. وقد ارسل جورج بوش للمجموعة اياها في ولاية ميتشيجان مستشارته الاساسية كأندليسا رايس للتحدث للعرب الامريكيين. كما ان جورج بوش سعى شخصيا لكسب اصوات العرب الامريكيين من خلال اعلانه في ميتشيجان ان سيكون اكثر حيادية في الشرق الاوسط. وقد نتج عن سلسلة لقاءات بين معسكر بوش وبين عدد من المنظمات العربية في ميتشيجان مما ادى الى اعلان لجنة العمل الوطنية العربية الامريكية ومنظمات عربية اخرى انها ستصوت لصالح بوش. ورغم محاولات آل جور نفى عدم حياديته والسعي لتغير الصورة امام العرب الامريكيين في ميتشيجان, الا ان التوضيح جاء متأخرا وبعد فوات الآوان. والمعروف ايضا عن ديك تشيني نائب بوش ووزير الدفاع السابق في عهد الرئيس بوش معارض لفكرة نقل السفارة الامريكية للقدس. والمعروف انه اكد في اكثر من موقف ضرورة موقف امريكي حيادي في الصراع العربي الاسرائيلي. كما انه صوت من اجل صفقة الاواكس الشهيرة عام 1980 مع المملكة العربية السعودية في ظل معارضة من جماعات الضغط المؤيدة لاسرائيل. وكثيرا ما عبر تشيني عن ضيقه من سيطرة القواعد الداخلية الانتخابية على السياسة الخارجية الامريكية, انه اعلن عام 1982 ان حل الصراع العربي الاسرائيلي يتطلب قيام دولة فلسطينية. كما انه مؤيد لسياسة اكثر هدوءا تجاه ايران. ومن جهة اخرى لابد من ملاحظات على رالف نادر كمرشح ايده الكثير من العرب. فقد صعدت اساسا اسهم رالف نادر مرشح حزب الخضر (الذي يركز على شئون البيئة) في صفوف العرب الامريكيين., فرالف نادر (وهو من اصل عربي) طرح برنامجا فيه الكثير من المواقف المساندة لفصل السياسة الامريكية عن الاسرائيلية. كما انه طرح ضرورة اعادة النظر في المساعدات, بل يذكر رالف نادر بإعلان اسرائيل بلسان رئيس الوزراء السابق نتانياهو امام الكونجرس ان اسرائيل سوف تتجاوز الحاجة للمساعدات الامريكية. وفي اكثر من مناسبة اكد رالف نادر مساندته لحقوق المهاجرين الجدد وعلى الاخص المسلمين. مواقف رالف نادر ربطت الكثير من العرب الامريكيين معه ومع اطروحاته الخاصة بالحقوق المدنية وحقوق الاقليات والجدير بالذكر ان كل صوت قدم لرالف نادر هو صوت اخذ من آل جور وذلك لان قاعدة رالف نادر هي قاعدة ديمقراطية. لهذا شكل كل صوت لرالف نادر صوت لصالح جورج بوش, لانه هو المستفيد الاول من اضعاف آل جور. لقد صوت معظم العرب الامريكيين في الانتخابات الامريكية لكل شيء الا للحزب الديمقراطي ومرشحه آل جور, وذلك على امل ان تحظى الشئون العربية على اهتمام اكبر من قبل البيت الابيض والسياسة الامريكية. لكن هذا الامر يبقى املا وطموحا مشروعا قد تؤكده او تنفيه التطورات والاحداث المقبلة. استاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت

Email