أبجديات ، بقلم: عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الماضي القريب كانت أخبار وكالات الأنباء كلها, وتقارير المراسلين حول العالم, تتحدث عما يسمى منطقة ساخنة وربما منطقتين على الأكثر, وغالبا ما تقعان في دول العالم الثالث, حيث المرتع الدائم للفقر والمجاعات والقلاقل السياسية والحروب الأهلية, أما اليوم فقد اختلف الوضع فأصبح العالم كله مناطق ساخنة بفعل النقل المباشر لكل حدث ابتداء من قبلة ساخنة يطبعها المرشح الديمقراطي (آل جور) على شفتي زوجته أمام الناخبين الأمريكان, وانتهاء بتحركات رواد الفضاء الأمريكان والروس في آخر نقطة وصلها الإنسان في الكون الخارجي. إذن فأخبار الانتفاضة المباركة في فلسطين ليست وحدها الخبر الأهم والمانشيت الرئيسي في صحافة العالم برغم انها مركز الدائرة في أية نشرة أو صحيفة (عربية تحديدا) لكن دائرة العالم واسعة, وما يتابعه الإنسان بلهفة يضم الكثير, هذه اللهفة المجانية التي لا تفعل له شيئا سوى انها تزيده اكتئابا, وترفع ضغطه, وتضاعف ندمه على اهتماماته السياسية التي ابتلي بها, وفكر كثيرا في الاقلاع عنها, لكنه لم يوفق أبدا!! ماذا يتابع الناس (القراء ومتتبعو نشرات الأخبار) هذه الأيام؟ في عالمنا العربي المبتلى بتعاطي السياسة على طريقة تعاطي الشاي المغربي والشيشة والقات يتحدث كل الناس عن الانتفاضة وقوافل الشهداء, وأداء السلطة الفلسطينية الضعيف ازاء تصلب حكومة باراك وضغوطات الحكومة الأمريكية, متناسين ان أداء السلطة الفلسطينية نتيجة طبيعية للأداء السياسي العربي العام على جميع المحاور! وان المنطق السياسي يحتم ألا نلوم فلانا وعلانا ولكن أن نكشف الأوراق وأغطية الطاولات لنعرف لماذا يتصرف هذا (الفلان) هكذا, وذلك النظام بتلك الطريقة! يتحدث الناس أيضا عن قمة القاهرة العربية التي لم تنصف الجماهير في أكتوبر الماضي, وعن قمة الدوحة الإسلامية التي ستعقد نهاية الشهر الجاري والتي لن تشفي غليل الجماهير أيضا.. وعليه فالأخبار من الآن تقول لمليار مسلم: لا عزاء لكم, لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم! يتابع الناس أيضا الانتخابات المصرية والقتلى والجرحى ويتساءلون: لماذا القتل وكأننا نمارس عارا غريبا علينا اسمه الديمقراطية فنقول: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق يتحدثون عن مرشحي الرئاسة الأمريكية (آل جور) و(بوش الابن) فنقول: تفرق شملهم إلا علينا, ثم ان وجهي العملة لا يغيران قيمتها. ويتابعون انتحار دولة اسمها أفغانستان ويتعجبون لماذا يفعل الأفغان بأنفسهم هكذا؟ فنقول: لم يبق للأفغان شيء يخسرونه. ولذلك ينتحرون بيد أمريكا وأسامة بن لادن! ويتابعون التحقيقات الأمريكية ـ اليمنية بشأن تفجير المدمرة (كول) (الصحيح انها أمريكية فقط) ويتساءلون: هل صحيح ان الجناة هم انتحاريون من جماعة الجهاد أو من جماعة ابن لادن؟ لماذا لا يكونون من الموساد؟ فنقول: لأن أمريكا تريدهم من جماعات الجهاد الإسلامي!! ماذا يتابعون أيضا؟... يتابعون أكل عيشهم وهضم غصتهم وغيظهم.. ومتابعة مواعيد أطباء الضغط والسكر والقلب!

Email